بدأت شركات الهواتف الذكية الصينية في التنافس بقوة لجذب مستخدمي هواتف آيفون، وذلك من خلال تقديم حلول وتقنيات تهدف إلى تسهيل عملية الانتقال من نظام تشغيل iOS الخاص بأبل إلى أنظمة التشغيل الخاصة بها. يأتي هذا التحرك في ظل مواجهة أبل تحديات في إطلاق ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة في السوق الصينية، بسبب تأخير الموافقات التنظيمية المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية الحالية. هذه الخطوة تهدف إلى استغلال الفرصة وتعزيز مكانة الشركات الصينية في أكبر سوق للهواتف الذكية في العالم.
يأتي هذا التوجه من الشركات الصينية في وقت تشهد فيه سوق الهواتف الذكية الصينية منافسة شرسة، حيث لا تتجاوز حصة أي شركة 20% من إجمالي المبيعات، مما يجعل كل شريحة من المستخدمين ذات أهمية بالغة. علماً بأن الهواتف الذكية أصبحت جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للمستهلك الصيني، وتعتبر من أهم التقنيات التي يعتمد عليها.
سباق الشركات الصينية نحو مستخدمي الآيفون
أبرز خمس شركات صينية للهواتف الذكية، وهي هواوي وشاومي وأوبو وفيفو وهونر، جهودها في إبراز أدوات وبرامج تسهل عملية الانتقال من أجهزة آيفون. كما تتيح هذه الأدوات للمستخدمين استخدام هواتفهم الصينية جنبًا إلى جنب مع أجهزة أبل دون عوائق كبيرة. يركز هذا التنافس بشكل خاص على تقديم تجربة سلسة ومتكاملة للمستخدمين، مع التركيز على سهولة نقل البيانات والملفات.
تأثير تأخير ميزات الذكاء الاصطناعي على أبل
تزامن هذا النشاط مع قرار هيئة تنظيم الإنترنت الصينية بتأجيل الموافقة على بعض ميزات الذكاء الاصطناعي التي كانت أبل تخطط لإطلاقها في الصين. وفقًا لتقارير فاينانشال تايمز، خلق هذا التأجيل فرصة للشركات المحلية لتعزيز مواقعها التنافسية في السوق.
يرى لوكاس تشونج، المحلل في شركة أومديا، أن الشركات الصينية “تتحرك بسرعة أكبر وبانفتاح أوضح في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي”، متوقعًا أن يضع ذلك “مزيدًا من الضغط على عمليات أبل داخل الصين، حتى وإن استغرق الأمر بعض الوقت لظهور النتائج بوضوح”. ويشير إلى أن هذه الشركات تستثمر بكثافة في البحث والتطوير لتقديم تقنيات مبتكرة.
صعود فيفو وتراجع أبل
أظهرت بيانات مؤسسة “كاونتر بوينت” للأبحاث أن شركة فيفو قد تمكنت من تجاوز أبل لتصبح الشركة الرائدة في سوق الهواتف الذكية الصينية في العام الماضي. حققت فيفو حصة سوقية بلغت 18.5% في الربع الثالث من العام الحالي، بينما تراوحت حصص أبل وهواوي وأوبو وشاومي وهونر بين 13.6% و16.4%.
على الرغم من أن انتقال المستخدمين من أجهزة أبل كان يعتبر تحديًا تاريخيًا للشركات الصينية، بسبب جودة تجربة المستخدم داخل منظومة أبل المغلقة، إلا أن الشركات المصنعة أصبحت تعتقد أن التقدم الكبير في حلول الذكاء الاصطناعي والابتكار في الهواتف القابلة للطي قد يكون كافيًا للتغلب على هذا الحاجز. هذه العوامل الجديدة تجعل الهواتف الصينية أكثر جاذبية للمستخدمين الباحثين عن تقنيات متطورة.
ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة في الهواتف الصينية
عززت أوبو قدرات هواتفها الجديدة من خلال إطلاق مساعد ذكي قادر على تتبع الإنفاق عن طريق تحليل لقطات الشاشة للمعاملات الرقمية، وتقديم نصائح فورية حول استخدام الأجهزة الرياضية باستخدام كاميرا الهاتف، بالإضافة إلى توفير إرشادات مباشرة أثناء أداء المهام اليومية.
في الوقت نفسه، قدمت هونر مجموعة من الميزات التي تهدف إلى تحسين تجربة المستخدم، بما في ذلك مقارنة أسعار القسائم الشرائية عبر منصات متعددة للعثور على أفضل العروض، وتسريع عمليات حجز سيارات الأجرة من خلال التنسيق بين تطبيقات مختلفة، بالإضافة إلى القدرة على إنشاء مقاطع فيديو قصيرة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
يؤكد شيانجدونج لي، مدير منتجات الذكاء الاصطناعي في نظام التشغيل ماجيك أو إس من هونر، أن أبل لا تزال “شركة عظيمة يجب أن يحتذى بها”، لكنه يرى أيضًا أن تباطؤها في السوق الصينية “يمثل فرصة كبيرة يجب على الشركات المحلية استغلالها”.
وأضاف لي أن حوالي 37% من مشتري هواتف هونر ماجيك V5 عبر الإنترنت كانوا في السابق مستخدمي هواتف آيفون، وأنهم استفادوا من تطبيق Device Clone الذي يسمح بنقل الصور والرسائل وجهات الاتصال بسهولة عبر مسح رمز QR. كما أتاحت هونر تطبيق Honor Connect لتبادل الملفات بسهولة مع أجهزة آيفون، على غرار ميزة AirDrop من أبل.
أعلنت شاومي خلال حدث إطلاق هاتف جديد في سبتمبر الماضي أنها “ترحب بمستخدمي آيفون“، واستعرضت ميزات جديدة مثل نقل الملفات ومشاركة الشاشة ومزامنة الإشعارات مع أجهزة آيفون. بالمثل، أطلقت أوبو في أكتوبر الماضي تحديثًا لنظام التشغيل الخاص بها يسمح للمستخدمين بالرد على الرسائل الواردة إلى هواتف آيفون، وعرض الإشعارات، وإدارة المكالمات مباشرة من هواتف أوبو.
على الرغم من المنافسة الشديدة، تمتلك أبل أدوات لجذب مستخدمي أندرويد، مثل تطبيق Move to iOS. ومع ذلك، سجلت أبل انخفاضًا بنسبة 4% في مبيعاتها في الصين خلال الربع المنتهي في سبتمبر الماضي، لكن تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، توقع عودة النمو خلال الربع التالي.
تشير تقديرات “كاونتر بوينت” إلى أن مبيعات أبل ارتفعت بنسبة 22% في الصين خلال الشهر الذي تلا إطلاق جهاز آيفون 15، مما يشير إلى أن غياب ميزات الذكاء الاصطناعي لم يؤثر على قرارات الشراء كما كان متوقعًا من قبل المنافسين المحليين.
يرى محللو المؤسسة أن التحدي الأكبر لأبل لا يكمن في فقدان موقعها العالمي، بل في الحفاظ على وجودها القوي في الصين، خاصة مع تباطؤ النمو في سوق الهواتف الذكية العالمية بشكل عام.
في الختام، من المتوقع أن تستمر الشركات الصينية في تطوير وتوسيع نطاق أدواتها وتقنياتها لجذب مستخدمي آيفون، في محاولة للاستفادة من التحديات التي تواجهها أبل في السوق الصينية. سيكون من المهم مراقبة الموافقات التنظيمية الصينية على ميزات الذكاء الاصطناعي الجديدة من أبل، وتأثيرها على حصتها السوقية في الأشهر القادمة.










