يتعرض تطبيق واتساب لضغوط متزايدة من جهات مختلفة حول العالم، حيث يواجه منافسة قوية من تطبيقات محلية مدعومة حكوميًا في كل من الهند وروسيا. تأتي هذه التطورات في ظل تزايد الاتجاه نحو ما يُعرف بالقومية التكنولوجية، ورغبة العديد من الدول في تقليل اعتمادها على شركات التكنولوجيا الأمريكية وتعزيز سيادتها الرقمية.
صعود تطبيق Arattai في الهند وتحدي هيمنة واتساب
في الهند، يشهد تطبيق Arattai، الذي طورته شركة Zoho، نموًا سريعًا في عدد التنزيلات بفضل الدعم الحكومي المتزايد. أُطلق التطبيق في البداية بشكل محدود في عام 2021، لكنه شهد طفرة كبيرة في شعبيته منذ أواخر سبتمبر الماضي، ليصبح التطبيق الأكثر تنزيلًا في البلاد خلال فترة وجيزة.
ميزات مشابهة لـ واتساب وقاعدة مستخدمين ضخمة
يقدم تطبيق Arattai مجموعة من الميزات المماثلة لتطبيق واتساب، بما في ذلك المراسلة الفورية ومشاركة الوسائط المتعددة. ويُعتبر واتساب حاليًا التطبيق الرائد للمراسلة في الهند، حيث يقدر عدد مستخدميه بأكثر من 500 مليون مستخدم، وتشير بيانات حديثة إلى أن عدد المستخدمين النشطين شهريًا يصل إلى حوالي 530 مليون مستخدم، مما يجعله أكبر قاعدة مستخدمين للتطبيق على مستوى العالم. ومع ذلك، يشهد Arattai نموًا ملحوظًا، حيث قفز عدد تسجيلاته اليومية من حوالي 3 آلاف مستخدم إلى 350 ألف مستخدم خلال أسابيع قليلة، وسجل حوالي 2 مليون حساب جديد في أول أكتوبر الماضي.
الدعم الحكومي وحملة “الاكتفاء الذاتي” الرقمي
يعزى هذا النمو السريع لتطبيق Arattai إلى حملة حكومية أوسع نطاقًا تدعو إلى “الاكتفاء الذاتي” الرقمي، بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وقد أعلن عدد من الوزراء الهنود، بمن فيهم وزير التعليم دارمندرا برادان ووزير التجارة والصناعة بيوش جويال، دعمهم العلني للتطبيق، وحثوا المواطنين على استخدامه بدلاً من التطبيقات الأجنبية. يأتي هذا الدعم في ظل تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة وفرض رسوم جمركية على بعض الواردات الهندية.
هذه الخطوات تعكس استراتيجية مودي الأوسع نطاقًا لتعزيز المنتجات والخدمات المحلية، وتأكيد السيادة الرقمية للهند. ورغم أن الحكومة لم تذكر التطبيق أو الشركة المطورة بشكل مباشر، إلا أن الرسائل العلنية تشير إلى دعم واضح لهذه المبادرة.
روسيا تشدد الرقابة على واتساب وتهدد بالحظر
في روسيا، يواجه تطبيق واتساب تهديدًا مباشرًا بالحظر الكامل، كجزء من جهود موسكو لاستبدال المنصات الغربية بتطبيقات محلية خاضعة للسيطرة الروسية. فرضت هيئة الرقابة على الاتصالات الروسية قيودًا متزايدة على التطبيق، بما في ذلك تقييد المكالمات الصوتية وإمكانية الوصول إلى الرسائل النصية، بدعوى وجود تهديدات أمنية.
تطبيق Max كبديل روسي محلي
تأتي هذه الإجراءات في ظل مساعي روسيا لتطوير بدائل محلية للتطبيقات الغربية بعد الغزو الأوكراني. وقد وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانونًا لتصميم تطبيق حكومي شامل يُعرف باسم Max، والذي يهدف إلى توفير مجموعة واسعة من الخدمات الرقمية للمواطنين. يُعتبر Max منافسًا مباشرًا لتطبيق واتساب، ومن المتوقع أن يجمع بين خدمات المراسلة والتواصل والخدمات الحكومية والمدفوعات الرقمية، على غرار تطبيق WeChat الصيني.
هذا التحول إلى تطبيقات محلية يعكس المخاوف الروسية المتزايدة بشأن الأمن السيبراني والاعتماد على التقنيات الأجنبية. بالإضافة إلى ذلك، تشير هذه الخطوات إلى رغبة الحكومة الروسية في التحكم بشكل أكبر في المعلومات المتداولة عبر الإنترنت.
تحديات التطبيقات المحلية والنمو المحدود
من المهم الإشارة إلى أن نجاح التطبيقات المحلية ليس مضمونًا. ففي الهند، على الرغم من النمو السريع لتطبيق Arattai، لا يزال عليه التغلب على تحدي تحويل هذا النشاط إلى عائدات مالية. فالسوق الهندية لتطبيقات الهواتف الذكية تشهد حجمًا هائلاً من التنزيلات والاستخدام، ولكنها تواجه صعوبة في تحقيق الإيرادات. وقد شهدت محاولات سابقة لتطبيقات محلية بديلة لتطبيقات غربية في الهند روسيا نجاحًا محدودًا.
نظرة مستقبلية
من المتوقع أن تستمر الضغوط على واتساب في كل من الهند وروسيا في المستقبل القريب. في الهند، من المرجح أن تواصل الحكومة دعم التطبيقات المحلية وتشجيع استخدامها، بينما قد تواجه روسيا صعوبات في حظر واتساب بالكامل بسبب شعبيته الواسعة. سيظل التطورات في كلا البلدين مؤشراً هاماً على اتجاهات القومية التكنولوجية المتزايدة في العالم، وضرورة تحقيق التوازن بين الأمن السيبراني والاعتماد على التقنيات الأجنبية.

