قرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب السماح لشركة “إنفيديا” ببيع شرائح الذكاء الاصطناعي H200 إلى الصين، بعد تقييم خلص إلى أن هذه الخطوة لا تشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا. يأتي هذا القرار في ظل تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا مع شركة “هواوي تكنولوجيز” الصينية، التي طورت أنظمة ذكاء اصطناعي منافسة.
وبحسب مسؤولين في الإدارة الأميركية، فإن القرار يهدف إلى الحفاظ على تفوق الولايات المتحدة في هذا المجال، مع السماح لشركة “إنفيديا” بالاستفادة من السوق الصينية الكبيرة. وقد أثار هذا الإجراء جدلاً واسعًا في واشنطن، حيث عبر بعض النواب عن قلقهم من أن هذا القرار قد يعزز القدرات التكنولوجية للصين.
خلفيات قرار السماح بتصدير شرائح الذكاء الاصطناعي H200
بدأت المناقشات حول تصدير شرائح H200 بعد أسابيع من المداولات بين مستشاري ترمب، وشارك فيها الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا” جينسن هوانج، الذي دعا إلى تخفيف القيود على التصدير. أشار هوانج إلى أن القيود الحالية لا تفيد سوى المنافسين الصينيين، مثل “هواوي”، الذين يتمكنون من تطوير بدائل محلية.
وفقًا لتقييمات داخل البيت الأبيض، فإن شركة “هواوي” حققت تقدمًا ملحوظًا في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وخاصة منصة “كلاود ماتريكس 384” التي تستخدم شرائح “آسيند” الجديدة. وقد أظهرت هذه المنصة أداءً مماثلاً لنظام “إن في إل 72” من “إنفيديا”، مما أثار مخاوف بشأن فقدان الميزة التنافسية للولايات المتحدة.
وتشير التقديرات إلى أن “هواوي” ستكون قادرة بحلول عام 2026 على إنتاج عدة ملايين من معالجات “آسيند 910 سي”، وهي شريحة مصممة خصيصًا لمنافسة منتجات “إنفيديا”. في المقابل، كانت التقديرات السابقة تشير إلى أن “هواوي” ستنتج حوالي 200 ألف شريحة فقط هذا العام.
المخاوف الأمنية والمنافسة مع هواوي
على الرغم من هذه التطورات، لا يزال بعض المسؤولين في واشنطن قلقين بشأن المخاطر الأمنية المحتملة لتصدير شرائح الذكاء الاصطناعي إلى الصين. ويخشون أن تستخدم الصين هذه الشرائح لتطوير تطبيقات عسكرية أو أنظمة مراقبة متطورة. ومع ذلك، يرى مؤيدو القرار أن السماح بتصدير H200 سيشجع المطورين الصينيين على الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية، بدلاً من اللجوء إلى بدائل محلية قد تكون أقل أمانًا.
أكد ترمب في منشور على منصة “تروث سوشيال” أن الشحنات ستقتصر على “العملاء المعتمدين”، وأن شركات أخرى مثل “إنتل” و”إيه إم دي” ستحصل أيضًا على تراخيص مماثلة. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان عدم استخدام الشرائح في أنشطة تهدد الأمن القومي الأميركي.
ردود الفعل والآثار المحتملة على سوق الذكاء الاصطناعي
لم يصدر رد فعل رسمي من الحكومة الصينية حتى الآن، لكن تقارير إعلامية تشير إلى أن بكين قد تدرس تقييد وصول بعض الشركات المحلية إلى شرائح H200، بهدف الحفاظ على مسار الاكتفاء الذاتي التكنولوجي.
تعتبر “إنفيديا” أكبر شركة في العالم من حيث القيمة السوقية، وقد قدرت الفرصة الضائعة في السوق الصينية بحوالي 50 مليار دولار هذا العام. ومع ذلك، فإن الشركة لا تتوقع حاليًا أي إيرادات كبيرة من سوق مراكز البيانات في الصين.
في أغسطس الماضي، حصلت “إنفيديا” على موافقة أميركية لتصدير شريحة H20 إلى الصين، لكن المبيعات لم تحقق النتائج المرجوة بسبب تعليمات من بكين دعت إلى تفضيل المنتجات المحلية. وتستعد “هواوي” حاليًا لمضاعفة إنتاجها من شريحة “910 سي” لتصل إلى 600 ألف وحدة العام المقبل، على الرغم من أنها لا تزال تعتمد على مكونات أجنبية من شركات مثل “تي إس إم سي” التايوانية و”سامسونج”.
يثير هذا القرار تساؤلات حول مستقبل المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتأثيره على الشركات الأميركية والصينية.
انتقادات من الكونجرس وتأثير القرار على الأمن القومي
أثار قرار ترمب انتقادات فورية من بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، بمن فيهم إليزابيث وارن، التي حذرت من أنه قد يؤدي إلى “فشل اقتصادي وأمني ضخم” من خلال تزويد بكين بالأدوات اللازمة لتطوير ذكاء اصطناعي من الجيل التالي.
ويرى مراقبون أن تخفيف القيود على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي قد يعزز الشركات الصينية المنافسة، مثل “ديب سيك”، التي تسعى إلى تطوير قدراتها في هذا المجال. ويتساءلون عما إذا كان هذا القرار يتماشى مع الجهود الأميركية للحفاظ على هيمنتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
على الرغم من أن شريحة H200 تعتبر متقدمة على الشرائح الصينية الحالية، إلا أن بكين تولي أهمية كبيرة لتطوير بدائل محلية، وتشجع الشركات الصينية على تقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأميركية.
من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة مراقبة التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين، وتقييم تأثير هذا القرار على الأمن القومي والمصالح الاقتصادية الأميركية. وستكون ردود الفعل من الشركات الصينية والحكومة الصينية حاسمة في تحديد مستقبل هذا السوق. من المهم متابعة تطورات إنتاج “هواوي” و”كامبريكون” لتقييم مدى نجاحهما في تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي.

