في زحمة الحياة الحديثة، أصبح الطعام السريع حلًّا سحرى لكل من لا يملك الوقت، قطعة برغر، بطاطس مقرمشة، ومشروب غازي يبدون خيارًا سريع ومنعش بعد يوم طويل، لكن خلف هذه اللقمة السهلة، يختبئ عالم كامل من الإدمان الكيميائي والنفسي، يمثل خطر حقيقي على الصحة، تأثير بعض المواد المخدّرة على الدماغ والجسد.
فى أطار هذا أوضح الدكتور عبد الرحمن شمس فى تصريحات خاصة لـ صدى البلد، أضرار الوجبات السريعة التي تشمل ما يلي:
كيف يؤثر الطعام السريع على الصحة؟
فعندما يدخل هذا النوع من الطعام إلى الجسم، تتفاعل الدهون المشبعة والسكر والملح مع مراكز المتعة في الدماغ، تمامًا كما يحدث عند تعاطي المخدرات. تفرز خلايانا مادة الدوبامين، وهي ناقل عصبي يمنحنا شعورًا فوريًا بالسعادة والراحة، لكن المشكلة أن هذا الإحساس مؤقت، وسرعان ما يتلاشى، فيبدأ الجسم بالمطالبة بجرعة جديدة وجديدة فيتكوّن الإدمان بصمت.
تؤكد دراسات حديثة أن تناول الأطعمة السريعة بشكل متكرر يغيّر كيمياء الدماغ، ويجعل الإنسان أقل حساسية لمصادر المتعة الطبيعية مثل الأكل الصحي أو الأنشطة الاجتماعية، بمعنى آخر، يبدأ الشخص في فقدان لذّته بالحياة خارج نطاق الوجبة الجاهزة، وهذا ما يفسّر لماذا يصعب على كثيرين التوقف عن طلب البرغر أو البيتزا رغم معرفتهم بأضرارها.
اضرار الوجبات السريعة
الخطر لا يتوقف عند الإدمان النفسي فقط. فالأطعمة السريعة غنية بالدهون المتحولة والسكريات المضافة، مما يؤدي إلى زيادة الوزن، وارتفاع ضغط الدم، ومقاومة الإنسولين وهي البوابة الكبرى إلى أمراض القلب والسكري. بل إن بعض الأبحاث أشارت إلى علاقة مباشرة بين الإفراط في هذه الأطعمة وازدياد معدلات الاكتئاب، إذ إن نقص العناصر الغذائية الأساسية يُضعف إنتاج هرمونات السعادة الطبيعية في الجسم.
وأشار شمس إلى تأثير الطعام السريع على الأطفال والمراهقين، فالكارثة أكبر. فالطعام السريع صار جزءًا من الثقافة اليومية: وجبات ملونة، ألعاب مجانية، وإعلانات مبهجة. لكنها في الواقع تغرس عادة غذائية مدمّرة منذ الصغر، تُضعف التركيز، وتؤثر في المزاج والسلوك، وتزيد من احتمالية السمنة المبكرة. إنها دائرة مغلقة تبدأ بالإغراء وتنتهي بالإدمان.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل أن هذه الصناعة تبني نجاحها على الدقة في التلاعب بالحواس، فكل تفصيلة من رائحة البطاطس إلى ملمس الخبز مصممة لتثير الدماغ بأقصى درجة ممكنة، الشركات تعرف تمامًا كيف تُبقي المستهلك جائعًا حتى بعد أن يشبع، وكيف تخلق ارتباطًا عاطفيًا بين الأكل والراحة النفسية.
الحل لا يكون بالحرمان، بل بالوعي وإعادة التوازن، يمكننا الاستمتاع بوجبة سريعة أحيانًا، لكن دون أن تتحول إلى عادة يومية، والأهم أن نُعيد تعريف المتعة في الأكل، فالسعادة لا تأتي من طعام مشبع بالدهون، بل من طعام حقيقي يمنح الجسم طاقة ويُغذي الروح.

