في ظل موجة متصاعدة من الحملات الأمنية ضد بعض الراقصات والبلوجرز الذين ينتجون مقاطع خادشة للحياء عبر منصات التواصل الاجتماعي، تتجدد التساؤلات حول التأثيرات النفسية والاجتماعية لهذه الظاهرة التي باتت تنتشر بين فئات مختلفة، وتلقى تفاعلًا واسعًا من الجمهور، خصوصًا المراهقين والأطفال.

ويرى خبراء علم النفس أن انتشار هذا المحتوى المبتذل لا يرتبط فقط بأسباب اقتصادية أو بحثًا عن الشهرة، بل يعكس أيضًا أمراضًا واضطرابات نفسية دفينة لدى صانعيه، إلى جانب تأثيرات مدمرة على المتابعين الذين قد ينجرفون خلف التقليد الأعمى، مما ينذر بمزيد من التفكك الأسري والانحراف السلوكي إذا لم تتم مواجهته بشكل حاسم.

وأكد الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، أن البغاء في عصر السوشيال ميديا أخذ شكلًا جديدًا كليًا، حيث تحولت المنصات الرقمية مثل “تيك توك” و”إنستجرام” إلى ساحات لعرض محتوى خادش مقابل “هدايا افتراضية”، بدلًا من النقود المباشرة أو أماكن الدعارة التقليدية.

وأوضح هندي أن أغلب البلوجرز الذين يقدمون محتوى مبتذل يتمتعون بسمات “سايكوباتية”، فهم أشخاص مضادون للمجتمع، يتلونون كالحرباء، يتاجرون بكل شيء من أجل المكسب، حتى الأطفال وذوي الإعاقة، لافتًا إلى أن ما يظهرونه على الشاشات مجرد “قناع مزيف” يخفي وراءه وجوهًا قبيحة.

 انتشار الظاهرة نتاج أمراض نفسية وليست مجرد فقر

وأشار استشاري الصحة النفسية إلى أن الظاهرة لا ترتبط فقط بالفقر، بل بأزمات شخصية ونفسية عميقة مثل الحرمان العاطفي، تدني الثقة بالنفس، السطحية الفكرية، والرغبة في الشهرة السريعة والربح المادي دون موهبة أو جهد.

ولفت هندي إلى أن انتشار هذه المحتويات خلق أنماطًا مرضية جديدة مثل “متلازمة العقل غير السعيد” الناتجة عن التنقل السريع بين الفيديوهات، و”عفن السرير” الذي يعكس حالة الكسل الاجتماعي والانعزال بسبب الانغماس في متابعة البلوجرز.

 المتلقيون أنفسهم وقعوا في فخ التقليد

وأكد أن أخطر ما في الظاهرة هو انجراف المتابعين خلف هؤلاء البلوجرز حتى يصل الأمر إلى التقليد الكامل، وهو ما يشبه ما وصفه بـ”متلازمة بروتيوس”، حيث يتشكل الشخص نفسيًا على صورة من يتابعهم حتى يصبح نسخة مشوهة منهم.

وشدد هندي على أن هذه الظاهرة أصبحت “وباءً سرطانيًا” يهدد القيم والأعراف، مطالبًا بوقفة مجتمعية وحكومية جادة لوقف هذا “التلوث السمعي والبصري”، خاصة بعد أن كشفت دراسات حديثة أن 50% من الأطفال في مصر يطمحون لأن يصبحوا صناع محتوى لتحقيق شهرة وأموال سريعة، و80% من الأهالي يشجعونهم على ذلك.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version