في ساحات الحروب هناك مصطلح يعرفه العسكريون جيدا اسمه نيران صديقة وهو يشير الى تلك الطلقات التي تأتي من صفوف الحلفاء عن طريق الخطأ فتسقط في آأجساد من يفترض أنهم في صف واحد والنتيجة دائما مؤلمة فقدان أرواح أو تدمير مواقع دون ان يكون للعدو دور مباشر في ذلك، لكن الحقيقة أن هذا المصطلح تجاوز ساحات المعارك منذ زمن وصار جزءا من حياتنا اليومية بشكل غير معلن.
والصديق هو أكثر شخص من المفترض أن تثق به لدرجة أن تعطيه ظهرك وانت مطمئن فهو سندك وقت الشدة ورفيقك في الفرح والحزن ومعه تشارك اسرارك وهمومك واحلامك لذلك يكون وقع الخذلان منه مضاعفا لانك لم تكن مستعدا لتلقي الضربة منه وهنا تأتي النيران الصديقة المدمرة التي لا تترك اثرا في الجسد فقط بل في الروح أيضا.
هذه النيران قد تأتي بسبب موقف محرج يضعك فيه صديقك أمام الناس فيكشف ما لا ينبغي كشفه او يمزح في وقت غير مناسب فيجعل الاخرين يسيئون فهمك وربما يكون هذا التصرف بدون قصد او بدافع المزاح او حتى النصيحة لكنه يضعك في مشكلة لم تكن في الحسبان وقد تأتي النيران الصديقة بقصد اذا كان الصديق قد تغيرت نواياه وتركته الغيرة او سوء الظن يتغلب على المودة.
ومن الأثر الصحيح ما رواه ابو داود والترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي امانة فالصديق الذي يعرف أسرارك ويحفظها هو الصديق الحق اما الذي يكشف ما اؤتمن عليه فقد خان امانة الصداقة حتى وان كان يظن ان الأمر هين.
ولهذا فإن الحفاظ على صداقاتنا يحتاج الى وعي ومسؤولية من الطرفين فالمحبة وحدها لا تكفي ان لم تصاحبها حكمة في التصرف وكلمة محسوبة قبل ان تخرج من الفم فالصديق الحقيقي هو من يحفظك في غيابك كما يحفظك في حضورك
وفي النهاية تذكر دائما أن أقوى العلاقات تقوم على الثقة وان النيران الصديقة مهما كانت موجعة يمكن ان تتحول الى درس عميق يعلمك من يستحق ان تفتح له قلبك ومن الافضل ان تبقي بينك وبينه مسافة امان فكما قالوا قديما احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة.