شهدت العاصمة الليبية طرابلس، خلال الساعات الأخيرة، تعاظمًا في التحركات العسكرية التي انطلقت من مدينة الزاوية باتجاه مناطق غرب العاصمة، في مشهد يعكس اشتعال التوتر العسكري والسياسي بين حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة وقوى أخرى منافسة.

أفادت مصادر عسكرية باشتراك مئات الآليات العسكرية في هذه التحركات، حيث انطلقت نحو 500 آلية من مدينة مصراتة باتجاه طرابلس، ضمن تحرك جماعي تنسيقي شاركت فيه تشكيلات مسلحة من مصراتة والزنتان وورشفانة، إلى جانب دعم من مجموعات من الزاوية، في إطار استعدادات يعتقد أنها تستهدف مواجهة محتملة لجهاز الردع الخاص التابع لحكومة الدبيبة في قاعدة معيتيقة الجوية. 

وفي سياق متحدٍ، ذكر محللون أن هذه التعبئة العسكرية تأتي عقب مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار، عبد الغني الككلي (المعروف بـ”غنيوة”)، حيث يسعى الدبيبة إلى تمرير خطوات لضبط المشهد الأمني بالعاصمة وتفكيك النفوذ العسكري لجهاز الردع الخاص، رغم أنه تابع رسميًا لوزارة الداخلية 

يأتي هذا التصعيد في وقت وصلت فيه العاصمة إلى مفترق حاسم، بعد أن نجت طرابلس مؤخرًا من مواجهة عسكرية وشيكة بفضل اتفاق لاريب بين الدبيبة وقادة جهاز الردع، يضمن بعض التفاهمات حول المقار الأمنية والميدانية. 

ومع ذلك، يرى مراقبون أن الاتفاق ما لبث أن تعرض لهزات بسبب التحركات العسكرية المخططة منذ نحو شهرين، مما يضع العاصمة على حافة مواجهة مفتوحة.

كما حذرت لجنة الأمن والتسوية العسكرية التابعة للمجلس الرئاسي من خطورة مثل هذه التحركات، مؤكدة أن أي انتهاك للمجال العسكري خارج الإطار الرسمي يمثل خرقاً خطيراً لوقف إطلاق النار وللاتفاقات السابقة، ودعت جميع القوات إلى العودة إلى مواقعها، والحفاظ على الهدوء لتفادي الانزلاق نحو حرب شوارع داخل العاصمة.

يخبئ هذا التصعيد في طياته خطورة بالغة على الوضع الليبي، إذ أن أي صدام مسلح قد يفتح الباب أمام موجة عنف جديدة تؤثر على المدنيين بشكل مباشر، لا سيما وأن طرابلس لا تزال تعاني من هشاشة أمنية عبر سنوات من الانقسام والتدخلات العسكرية المتكررة.

وبينما يربط الدبيبة هذه التحركات بسعيه لفرض السطوة الأمنية، يرى المطلعون أن وراءها لعبة سياسية تستهدف إعادة تشكيل موازين القوى في الغرب الليبي، وتعطيل المسارات الأممية نحو الانتخابات وترسيخ نفوذ الحكومة من باب القوة

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version