تزايدت أعداد السياح الوافدين إلى مصر، مع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير ويزداد الاهتمام بزيارة المعالم الأثرية والمساجد التاريخية ذات الطراز المعماري الفريد، مثل مساجد الحاكم بأمر الله، الرفاعي، السلطان حسن، الغوري، وأحمد بن طولون، الأمر الذي يثير تساؤلات عديدة حول جواز دخول غير المسلمين لهذه المساجد.

وأوضح فضيلة الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقًا، أن القرآن الكريم قد وضع قواعد واضحة تتعلق بدخول المساجد، حيث جاء في سورة التوبة: “يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا البيت الحرام بعد عامهم هذا”، كما جاء في سورة النساء: “يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون، ولا جنبا إلا عابرى سبيل حتى تغتسلوا”.

وأشار الشيخ صقر إلى أن الآية الأولى تحدد منع دخول المشركين المسجد الحرام لمخالفتهم شروط الطهارة، وهو الرأي الذي ذهب إليه الإمام مالك والإمام الشافعي. أما الكتابيون من اليهود والنصارى، فلا مانع من دخولهم المسجد الحرام، إذ يشمل الحرم بالكامل وليس غيره من المساجد.

وأضاف أن أبو حنيفة أباح دخول غير المسلمين المسجد الحرام والحرم، معتبرًا نجاستهم نجاسة معنوية، وأنه يجوز لهم الإقامة في المسجد عند الضرورة. بينما منع أهل المدينة دخول مساجد الحل لغير المسلمين، إذ تُعتبر غير الحرم، ويُعد الكافر والجنب غير جائز له المكث فيها وفق نصوص القرآن، حيث تؤكد الآية الثانية حرمة البقاء للمجنّب والكافر داخل المسجد.

وأكد فضيلته أن حديث “لا أحل المسجد لحائض ولا جنب” يؤكد هذا المبدأ، كما توضح الروايات أن أباموسي الأشعري لم يُسمح له بالدخول لمجرد كونه نصراني، ما يعكس حرص الصحابة على تطبيق الأحكام الشرعية في شأن دخول غير المسلمين للمساجد.

وأشار الشيخ إلى حادثة علي رضي الله عنه حين أخرج مجوسيًا من المسجد، بينما سمح النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف ونصارى نجران بالصلاة في المسجد وفق معتقداتهم، ما يدل على إمكانية السماح بدخول المسجد لغير المسلمين بإذن من المسلمين ولأغراض محددة.

وأكد أن الإمام الشافعي قصر دخول المشرك للمسجد على الضرورة أو الحاجة وليس بصفة دائمة، وهو الرأي الأنسب للفتوى المعاصرة، مشيرًا إلى أن دخول الزوار الأجانب غير المسلمين مسموح به إذا كان ضمن برنامج سياحي أو لأعمال مهمة، مع أخذ إذن المسلمين، مستشهدًا بحادثة دخول القمص سرجيوس الجامع الأزهر أثناء ثورة 1919 وخطبه السياسية دون اعتراض من العلماء.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version