في مشهد يعكس عمق العلاقات الأخوية بين مصر والإمارات، جاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى القاهرة ولقاؤه بالرئيس عبد الفتاح السيسي لتؤكد أن ما يجمع البلدين يتجاوز الأطر البروتوكولية. فوفق رؤية الدكتور عبد الهادي مقبل، رئيس قسم الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة طنطا، فإن هذه الزيارة ترسم ملامح شراكة استراتيجية جديدة، ترتكز على الاقتصاد كرافعة رئيسية للتقارب السياسي.
توافق سياسي يفتح الأبواب أمام الاقتصاد
يؤكد الخبير أن التوافق السياسي بين القاهرة وأبوظبي شكّل حجر الأساس للتقارب الاقتصادي المتنامي. فغياب الخلافات الجوهرية أتاح بيئة مستقرة تعزز مناخ الاستثمار، وتدفع باتجاه توسيع المشروعات المشتركة. هذا الانسجام السياسي خلق حالة من الثقة المتبادلة، تُترجم اليوم إلى اتفاقات اقتصادية ومشروعات كبرى.
استثمارات إماراتية متنوعة وثقل متزايد
تعد الإمارات من أبرز المستثمرين العرب في مصر، حيث تمتد استثماراتها إلى قطاعات حيوية تشمل الطاقة المتجددة والعقارات والخدمات المالية والزراعة والصناعات التحويلية. هذا التنوع يعكس رغبة في بناء شراكة طويلة الأمد، قائمة على رؤية مستقبلية تتجاوز الاستثمار قصير المدى وتستند إلى المصالح الاستراتيجية المشتركة.
مصر.. سوق جاذبة وفرص واعدة
يشير مقبل إلى أن الإصلاحات الاقتصادية في مصر، من تحديث للبنية التحتية وتبسيط للإجراءات الاستثمارية، جعلت السوق المصرية أكثر جذباً لرؤوس الأموال الخليجية. ومع النمو السكاني الكبير وما يمثله من قوة شرائية، تصبح مصر منصة إقليمية قادرة على الانطلاق إلى أسواق أفريقيا والشرق الأوسط، ما يضاعف من أهميتها الاستراتيجية للإمارات.
تعاون يتجاوز التجارة إلى التكنولوجيا
لم يعد التعاون المصري الإماراتي مقتصراً على التجارة التقليدية، بل امتد إلى التكنولوجيا المتقدمة، والطاقة النظيفة، والخدمات اللوجستية، والموانئ. ويرى الخبير أن هذه المجالات ستشهد زخماً أكبر خلال السنوات المقبلة، خصوصاً مع توجه الإمارات للاستثمار في الابتكار والاستدامة، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة للتكامل الاقتصادي.
مستقبل مشترك نحو التنمية الإقليمية
يخلص الدكتور مقبل إلى أن ما يميز العلاقات بين مصر والإمارات هو بعدها الإقليمي، حيث يسعى البلدان إلى لعب دور محوري في استقرار المنطقة وتنميتها. ومن المتوقع أن يتعزز هذا الدور عبر مشروعات استثمارية عابرة للحدود، بما يخدم ليس فقط شعبي البلدين، بل المنطقة العربية بأسرها.
زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى مصر جاءت لتجدد التأكيد على أن العلاقة بين القاهرة وأبوظبي ليست مجرد تعاون ثنائي، بل مشروع استراتيجي متكامل يستهدف التنمية والاستقرار في المنطقة. ومع تلاقي الرؤى الاقتصادية والسياسية، يبدو المستقبل واعداً لشراكة تحمل في طياتها فرصاً أوسع للبلدين وللمنطقة كلها.