سيطرت حالة من الإحباط والاستياء على عدد كبير من السائحين في العاصمة الفرنسية (باريس) خاصة بعد عدم تمكنهم من زيارة متحف “اللوفر” الشهير والمُغلق بعد عملية السرقة المثيرة التي وقعت /الأحد/ الماضي وطالت حُلى ومجوهرات “لا تُقدر بثمن”.
فقد أضحى العالم أول أمس /الأحد/ على النبأ العاجل “سرقة مجوهرات ملكية من متحف اللوفر” في قلب (باريس) بعدما نفّذ لصوص عملية سطو على مجوهرات بالمتحف، قبل أن يلوذوا بالفرار.
وكانت وزيرة الثقافة رشيدة داتي هي، أول من أعلنت هذا النبأ الذي أثار دهشة الجميع.. فقد كتبت على منصة (إكس): “وقعت سرقة هذا الصباح (الأحد) أثناء افتتاح متحف اللوفر، لم تسجل أي إصابات، أنا موجودة في المكان برفقة فرق من المتحف ومن الشرطة.. التحقيقات جارية”.
وفور الإعلان عن هذه الحادثة الكبيرة، أعلن المتحف الأكثر استقطابا للزوار في العالم، إغلاق أبوابه لأسباب “استثنائية”، مع تعهد بإعادة الأموال لمن حجزوا تذاكر مسبقة، وهو ليس بالأمر الجيد بالنسبة للسائحين الذين جاؤوا خصيصا إلى باريس لرؤية متحف اللوفر، أشهر وأكبر متحف بالعالم.
“لاريسا” من البرازيل، جاءت مع عائلتها إلى باريس وأرادت زيارة اللوفر بشدة .. وقالت، في تصريح لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس “حجزنا مسبقا بالفعل وعندما وصلنا بالأمس، اكتشفنا الأمر.. انتظرنا طوال اليوم على أمل أن يتم فتح المتحف أو نعرف أي جديد .. وغيرنا موعد الحجز لكنه مغلق أيضا وبالتالي سنطلب استرداد الأموال.. نشعر بإحباط شديد لأن هذا هو اليوم الوحيد الذي أتيحت لنا فيه الفرصة لزيارة اللوفر وأردت ذلك بشدة.. لكننا سنعود إلى باريس في يوم آخر بالتأكيد”.
أما “كاميلا” من إيطاليا، فقد حجزت مسبقا لعائلاتها وقالت “تشعر عائلتي حاليا بإحباط لأنها المرة الأولى لهم هنا في باريس، وأرادوا رؤية اللوفر ولن يكون ذلك ممكنا”.. وتابعت “علمنا بما حدث، كنا نشاهد نشرة الأخبار.. ووصلنا إلى هنا على أمل أن يتم فتحه لكنه الان مغلق فالأمر أصبح أكثر إحباطا”. وشاركتها الرأي شقيقتها “مونيكا”، قائلة “كنت أرغب بزيارة اللوفر هذه المرة وكانت مناسبة رائعة أنني هنا في باريس .. الان أشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب الأخبار وما حدث، أعتقد أن هذا إرث تاريخي للجميع .. أمر مؤسف”.
يعتبر متحف اللوفر تحفة معمارية وكنز ثقافي بالغ الأهمية ومن أعظم عجائب الفن والتاريخ، حيث يضم مجموعة لا تُقدر بثمن من الروائع الفنية والكنوز القديمة من جميع أنحاء العالم، منها لوحة الموناليزا الشهيرة لليوناردو دا فينشي وتمثال فينوس دي ميلو.
وتجذب لوحة “الموناليزا” اهتمام الجميع من شتى أنحاء العالم. “إيما” من الدنمارك، أرادت بشدة رؤية اللوحة الشهيرة . وقالت “أردت رؤية الموناليزا .. لكن الآن لا يمكننا .. أنا مع رفيقاتي لبضعة أيام هنا وخططنا لزيارة اللوفر اليوم وحجزنا مسبقا عبر الإنترنت لنتمكن من رؤية الموناليزا .. الآن الأمر مزعج ولم يرسلوا لنا رسالة توضح أن المتحف مغلقا وتم إلغاء الزيارة .. هذا أمر محبط للغاية”.
“رفايل” من أسبانيا، شعر بخيبة أمل كبيرة لأن هذه أيضا أول زيارة له في باريس مع أطفاله الذين أرادوا بشدة زيارة اللوفر. وقال “أخبرونا الان أنه سيظل مغلقا اليوم وغدا أيضا .. هذا شيء مؤسف ومحبط خاصة للأطفال .. لكننا نكتفي الآن بالتقاط الصور التذكارية أمام اللوفر”.
وبالنسبة ل”فيكا” من أوكرانيا، هذه أول زيارة لها لباريس مع عائلاتها، وقالت “كنا بحاجة لدخول المتحف وسألنا أفراد الأمن فقالوا إنه مغلق .. صُدمنا لأننا اشترينا تذاكرنا بالفعل، حاولنا تغيير الموعد لكن وجدنا أن التذاكر نفدت! الان لانعرف ما علينا فعله ولا نعلم كيف يمكن استرداد أموالنا”. وتابعت “نشعر باستياء كبير لأننا هنا لثلاثة أيام فقط، واليوم هو يومنا الأخير ولايمكن دخول المتحف .. فقط أظل هنا لالتقاط الصور”.
لم تقتصر حالة الاستياء والاحباط على السياح فقط، بل شعر العديد من المواطنين الفرنسيين أيضا بحزن وأسف شديد لما حدث.
“ستيفاني” من مدينة “نانت” (غرب فرنسا)، جاءت مع أطفالها وشعرت بأسف بالغ لما حدث قائلة “كنا نعتقد أن المتحف سيفتح أبوابه اليوم، لكنني لا أعرف إن كان سيُعاد فتحه أم لا، وهذا مُخيب للآمال بالنسبة للأطفال بالطبع لأنهم يريدون استكشافه ..الا أننا محظوظون أننا نعيش في فرنسا، وسوف تُتاح لنا فرصة العودة .. لكن بالنسبة للسياح هذا أمر مُحزن”.
وأوضحت أن ما حدث هو أمر مؤسف أيضا ومثير للدهشة بشكل كبير، وتساءلت “كيف تمت سرقة هذه المجوهرات؟ هذه أشياء تُعد جزءا من تراثنا وتاريخنا .. خبر صادم حقا أن يهاجم أحدهم متحف اللوفر!”.
إلا أنها أكدت أن هذه فرصة جيدة للمسؤولين اتخاذ خطوات لتأمين المتحف ومقتنياته بشكل أفضل، مع ضمان وجود مزيد من أفراد الأمن في المتاحف.
وقالت “لويز” من “ليون” (جنوب) “شعرت بصدمة كبيرة إثر هذه السرقة .. إنها كارثة عالمية لأن ما تم سرقته جوهرة استثنائية. أتساءل كيف يمكن لأي شخص سرقتها! هذا أمر مؤسف ونأمل أن يُحل الأمر سريعا ويتم التحقيق لمعرفة ما حدث”.
وقعت عملية السرقة عندما دخل لصوص يوم الأحد قاعة “أبولو” في المتحف وهو جناح كبير يضم مجوهرات وثروات تعود للعصر الملكي الفرنسي.. وسرقوا مجوهرات بسرعة فائقة “في سبع دقائق”، حسبما أوضح وزير الداخلية ، مضيفا أن اللصوص استعانوا برافعة بضائع وضعت على ظهر شاحنة خارج مبنى المتحف. وأظهرت صور من مكان الحادثة سلما مثبتا على شاحنة يؤدي إلى الطابق الأول، ليتمكنوا من الوصول إلى إحدى النوافذ وتحطيمها والدخول إلى القاعة.
سُرقت ثمانية قطع من المجوهرات الملكية المعروضة في قاعة “أبولو” في المتحف، والعائدة إلى القرن التاسع عشر، من بينها عقد من الياقوت عائد للملكة ماري-إميلي، زوجة الملك لوي-فيليب الأول، المؤلف من 8 أحجار ياقوت و631 ماسة، بحسب موقع اللوفر الإلكتروني.
ومازال التحقيق مستمرا لمعرفة ملابسات الحادث.. وبالرغم من الاعلان عن غلق اللوفر أبوابه، مازال السائحون يتوافدون عليه على أمل التمكن من زيارته وأخذ صور تذكارية. لكن هناك المارة أيضا يريدون رؤية ما يحدث مع وجود الشرطة والمحققين. “إيلين” من كولومبيا ، كانت محظوظة بزيارة المتحف قبل الحادث. وقالت “تمكنت من زيارته خلال قضاء أجازتي هنا في باريس وكنت سعيدة للغاية. اليوم عندما علمت بما حدث أشعر بأسف شديد لأن هذا المتحف إرث تاريخي هنا .. أردت أن أشاهد ما يحدث”.
أصبحت حادثة السرقة هذه الأكثر استثنائية حيث أن المسروقات “لاتقدر بثمن” ، لكنها أيضا أصبحت بمثابة جرس إنذار يدفع إدارة اللوفر إلى مراجعة بروتوكولات الأمان والتأمين وأنظمة الحماية والمراقبة بالمتحف الذي يعد أكبر متحف في العالم، بمساحة تبلغ قرابة 73 ألف متر مربع.
شُيّد اللوفر عام 1546 ليكون قصرا للعائلة المالكة الفرنسية. وكان الملك فرانسيس الأول – أول من سكنه وكان عاشقا للفن، وخطط لأن يعرض المتحف مجموعته الفنية. وفي أعقاب الثورة الفرنسية، تحول القصر إلى متحف عام للجمهور في عام 1793، وأصبح منذ ذلك الحين تحفة معمارية وكنز ثقافي بالغ الأهمية ومن أعظم عجائب الفن والتاريخ.
ويضم مجموعة لا تُقدر بثمن من الروائع الفنية والكنوز القديمة من جميع أنحاء العالم وروائع عصر النهضة والفن في القرن التاسع عشر. ويعرض اليوم أكثر من 35 ألف عمل فني – بما فيها لوحة الموناليزا الشهيرة لليوناردو دافنشي.
كما يستقبل اللوفر نحو 30 ألف زائر يوميا. وبذلك، أصبح أكثر المتاحف استقطابا للزوار في العالم، واستقبل نحو 9 ملايين زائر عام 2024، نحو 80% منهم أجانب.