في عالم يرزح فيه كثيرون تحت وطأة القروض والديون، يبرز أحيانًا نموذج إنساني ملهم يثبت أن التغيير ممكن بالإرادة والانضباط. قبل عشر سنوات فقط، كان برينان شلاغباوم وزوجته إيرين غارقين في ديون ثقيلة بلغت أكثر من 304 آلاف دولار تشمل قروضًا دراسية وسكنية واستهلاكية. لكن اليوم، ورغم صغر سنهما، أصبحا مليونيرين بثروة تتجاوز 4 ملايين دولار، وهو إنجاز لم يأتِ بصدفة أو ميراث، بل عبر خطة محكمة وقرارات بسيطة، وصفها برينان بأنها “ساذجة في ظاهرها لكنها فعّالة إلى حد مذهل”.
البداية من مواجهة الحقيقة
عام 2016، قرر الزوجان مواجهة الواقع القاسي. قاما بتحميل كشوف حساباتهما البنكية لثلاثة أشهر كاملة، ووضعا ميزانية صارمة تقوم على مبدأ “الصفر”، أي أن كل دولار له وجهة محددة، سواء لسداد دين أو ادخار أو استثمار. هذه الخطوة شكلت حجر الأساس لبناء مسار جديد.
الادخار في سن مبكرة.. مفتاح الحرية لاحقًا
يرى برينان أن أكبر خطأ يرتكبه الشباب هو الإنفاق المبالغ فيه في مقتبل العمر. لذلك، التزم هو وزوجته بادخار أكثر من 20% من دخلهما، وهو ما تطلب تضحيات كبيرة، لكنه منح لهما حرية أكبر في الثلاثينات، بدلاً من مطاردة أقساط القروض والفوائد.
القضاء على الديون.. الطريق إلى الاستثمار
في غضون خمس سنوات فقط، سدد الزوجان جميع ديونهما، بما فيها الرهن العقاري. وبهذا القرار، خفّضت نفقاتهما الشهرية بنسبة 40%، مما فتح الباب أمام استثمارات أوسع وأكثر فعالية.
خلق مصادر دخل جديدة
رغم عمله في شركة “ديلويت” كمحاسب قانوني، قرر برينان أن يبدأ مشروعًا جانبيًا، فأطلق منصة Budgetdog المتخصصة في التوعية المالية. هذا المشروع تحول لاحقًا إلى مصدر دخل أساسي واستثمار طويل الأجل عزز رحلتهما نحو الثراء.
مقاومة إغراءات “زحف النمط المعيشي”
على عكس كثيرين يرفعون مستوى إنفاقهم مع ارتفاع دخلهم، التزم الزوجان بإنفاق سنوي لا يتجاوز 60 ألف دولار منذ 2015، رغم أن دخلهما تضاعف ثلاث مرات. برينان يلخص ذلك بقوله: “لو أنفقنا أكثر كلما كسبنا أكثر، لكنا لا نزال في الديون”.
الاستثمار الآمن.. الملل طريق الثروة
اعتمد الزوجان على صناديق المؤشرات مثل VTI وVXUS، متجنبين الاستثمارات عالية المخاطر. وبرأي برينان: “الاستثمار الممل قد يكون أكثر الطرق أمانًا لبناء الثروة على المدى الطويل”.
الأتمتة.. للتخلص من العاطفة
العاطفة، برأي برينان، هي العدو الأكبر للاستثمار. لذلك، قاما بأتمتة استثماراتهما بالكامل أي استخدام التكنولوجيا لتجنب القرارات الانفعالية. ولم يستغرق منهما الأمر سوى 30 دقيقة شهريًا لمراجعة الوضع المالي، تاركين بقية العمل للنظام الآلي.
الاستمرارية.. السر الأعظم
يؤكد برينان أن النجاح لم يكن بفضل مشروع واحد أو ادخار مرتفع فقط، بل بفضل الاستمرارية. يقول: “نحن أثرياء لأننا بدأنا منذ عشر سنوات ولم نتوقف”. هذه الاستمرارية حولت القرارات الصغيرة إلى ثروة ضخمة.
قصة برينان وإيرين ليست مجرد حكاية عن المال، بل عن الانضباط والالتزام برؤية طويلة المدى. ما بدى في البداية قرارات بسيطة وربما مملة، كان في الحقيقة خطة مدروسة لتحويل الديون الثقيلة إلى حرية مالية. رسالتهم للشباب واضحة.. الثراء ليس ضربًا من الحظ، بل نتيجة تراكمية لقرارات يومية ذكية واستمرارية لا تتوقف.