ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون عبر صفحته الرسمية بالفيسبوك ، يقول صاحبه: “اتصل بي موظف البنك وعرض أن يمنحني قرضًا على أن يتم تحويل جزء من هذا القرض إلى وديعة، فما حكم ذلك شرعًا؟”

وأجاب د. لاشين قائلا: الحمد لله رب العالمين الذي قال في محكم تنزيله: “يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم”، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي روت عنه كتب السنة: “يأتي على الناس زمان من لم يأكل الربا أصابه غباره”.

وأضاف: إن الاقتراض من البنك يجعل المقترض مدينًا للبنك، وحكم ذلك يتوقف على حالة المقترض.

 فإذا كان في حالة ضرورة قصوى، بحيث لو لم يقترض تعطلت حياته اليومية أو تعرض للهلاك، جاز له أن يقترض، لكن بقدر الضرورة فقط، لقول الله تعالى: “فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه”. 

أما إن لم يكن في هذه الحالة التي يترتب على تركها الموت أو الهلاك، فلا يجوز له الاستدانة لأنه سيكون مدينًا من غير مسوّغ شرعي.

وتابع: أما فيما يتعلق بواقعة السؤال، فلا يجوز الجمع بين وصفين متناقضين؛ إذ لا يمكن للإنسان أن يكون في الوقت ذاته مدينًا ودائنًا ، فالمدين معناه أنه لا يملك المال الكافي لقضاء ضروراته، وهذا لا يكون إلا عند الضرورة القصوى.

 ومع أن الاستدانة جائزة عند الحاجة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ من الدين في دعائه بين التشهد الأخير والسلام، حيث كان يقول: “اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من المأثم والمغرم”، أي المعصية والدَّين.

وأوضح د. لاشين أن الدين همّ بالليل وذل بالنهار، وإن مات المسلم ولم يقض دينه مع قدرته ويساره، كان الدين حابسًا لروحه عن دخول الجنة. 

ومن هنا لا يلجأ المسلم إلى الدين إلا عند الضرورة القصوى، مثل الكي الذي لا يُستعمل إلا في آخر العلاج.

واستكمل: أما من جهة كونه دائنًا، فإن الشرع يشترط أمرين: أن يطلب شخص مني مبلغًا من المال قرضًا، وأن أكون مالكًا للمبلغ لأقدمه له. 

وهذان الشرطان غير متحققين في الحالة المذكورة، لأن البنك ليس محتاجًا للقرض ولا يقترض من ماله الشخصي، بل من أموال المودعين.

 وعلى ذلك  فإن تحويل جزء من القرض إلى وديعة داخل البنك لا مبرر له شرعًا، بل هو أمر عجيب لا يصح، ولا يقوم على أي سند فقهي صحيح.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version