تُعدّ المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة اسماً لامعاً في سماء السينما العربية، وقد حققت إنجازاً تاريخياً بمشاركتها في الدورة الـ46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي. حيث أصبح فيلمها الجديد “باب” أول عمل سينمائي إماراتي طويل يُعرض ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، مما يمثل علامة فارقة في دعم السينما الإماراتية وتعزيز حضورها على الساحة الدولية.

أعربت الخاجة عن بالغ سعادتها بهذا الاختيار، مؤكدةً أنه يفتح آفاقاً جديدة لصناع السينما الإماراتيين، وخاصة المخرجات، ويشكل بداية واعدة لمستقبل الإنتاج السينمائي في الدولة. الفيلم، الذي ينتمي إلى نوعية الدراما النفسية، يلقي الضوء على قضايا إنسانية عميقة من خلال رؤية فنية فريدة.

فيلم “باب” .. دراما نفسية ذات طابع سريالي

تدور أحداث فيلم “باب” حول امرأة تواجه صراعاً داخلياً مريراً بعد فقدان شقيقتها التوأم. تتحول هذه التجربة المؤلمة إلى رحلة استكشافية سريالية في أعماق الذاكرة والألم، وتكشف عن العلاقة المعقدة بين العقل والحزن. الفيلم يركز على الجانب النفسي للشخصية الرئيسية، ويقدم تصويراً مؤثراً لفقدان الهوية والبحث عن المعنى.

تتميز لغة الفيلم بالتركيز على الصورة والإيحاء، مع تقليل الاعتماد على الحوارات المطولة. تصف الخاجة فيلمها بأنه “لوحة فنية” تعبر عن الفقدان بطريقة بصرية وشاعرية، مع الحفاظ على عنصر التشويق والإثارة. هذا الأسلوب يهدف إلى إشراك الجمهور عاطفياً وفكرياً في عالم الفيلم.

يضم الفيلم نخبة من الممثلين الإماراتيين، منهم شيماء الفضل، هدى الغانم، ميرا المدفع، صبيحة ماجوانكار، ومنصور النعماني. السيناريو هو ثمرة تعاون بين المخرجة نايلة الخاجة والكاتب مسعود أمر الله العلي، بينما يتولى سلطان سعيد الدرمكي مهمة الإنتاج. الفيلم حظي بدعم كبير من البرنامج الوطني لمنح الثقافة والإبداع التابع لوزارة الثقافة الإماراتية، مما يعكس التزام الدولة بدعم الفنون والثقافة.

إنتاج محلي وفريق عمل إماراتي

تم تصوير فيلم “باب” بالكامل في الإمارات العربية المتحدة، وتحديداً في منطقتي الفجيرة ورأس الخيمة. شارك في الإنتاج أكثر من 140 فنياً وفناناً، منهم 20 إماراتياً في المناصب الإبداعية الرئيسية. هذا يمثل خطوة مهمة نحو بناء صناعة سينمائية إماراتية قوية ومستدامة، تعتمد على الكفاءات المحلية.

استغرق التحضير والتصوير حوالي عام ونصف، وشمل بناء ديكورات خاصة تعكس التراث الإماراتي. تخطط الخاجة لاستخدام هذا الديكور في مشاريع سينمائية مستقبلية، مما يساهم في ترشيد التكاليف وتعزيز الهوية البصرية للأفلام الإماراتية.

بلغت الميزانية الإجمالية للفيلم مليوناً ونصف المليون دولار. من المقرر أن تتولى شركة فوكس سينما توزيع الفيلم تجارياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ابتداءً من عام 2026. هذا التوزيع الواسع سيساعد على وصول الفيلم إلى جمهور أكبر، وتعزيز مكانة السينما الإماراتية في المنطقة.

الفيلم يجمع بين الفن والروحانية

تؤكد الخاجة أن فيلم “باب” يجمع بين الغموض والإثارة والجوهر الفني، مع استهدافه لجمهور واسع من محبي الأفلام الروائية. على الرغم من طابعه الفني، إلا أن الفيلم يحمل رسالة إنسانية عميقة، ويتناول قضايا تهم المجتمع.

يتميز الفيلم بروحانيات واضحة، وصور بصرية مؤثرة، بفضل تعاون المخرجة مع مدير التصوير العالمي روخير ستروفر، الحائز على جائزتي أوسكار. وقد قام ستروفر بتصوير أكثر من 60 فيلماً عالمياً، مما يضفي على الفيلم لمسة احترافية عالية.

كما يضم الفيلم موسيقى تصويرية أصلية من تأليف الموسيقي العالمي A.R. Rahman، الحائز على جائزتي أوسكار. وقد وافق رحمن على العمل في الفيلم بعد قراءة السيناريو مباشرة، مما يعكس إعجابه بقصة الفيلم ورؤية المخرجة.

واجه فريق الإنتاج بعض التحديات أثناء التصوير، أبرزها ضيق الوقت، حيث اكتمل التصوير في 18 يوماً ونصف فقط. كما تم منع استخدام تقنية “البلاي باك” أو مشاهدة اللقطات المصورة على الشاشة، مما زاد من صعوبة التجربة، ولكنه ساهم أيضاً في خلق جو من الارتجال والإبداع.

تؤكد الخاجة أن فيلم “باب” هو عمل إماراتي أصيل، يمثل فخراً للسينما الإماراتية. كما تعرب عن ارتباطها القوي بالسينما منذ صغرها، مشيرةً إلى أنها بدأت رحلتها مع السينما في سن الثالثة عشر باستخدام كاميرات الـ8 ملي والـ16 ملي.

تختتم الخاجة بالإعلان عن مشروع سينمائي جديد قيد التحضير، ينتمي إلى نوعية الأفلام التجارية، ويتناول قصة ست مدونات مهووسات بوسائل التواصل الاجتماعي. الفيلم من تأليف أحمد حسن، ومن المتوقع أن يبدأ التصوير في الأشهر القادمة.

من المتوقع أن يساهم عرض فيلم “باب” في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في لفت الأنظار إلى السينما الإماراتية، وتعزيز تبادل الخبرات والتعاون بين صناع السينما العرب. وينتظر الجمهور الإماراتي والعربي بفارغ الصبر عرض الفيلم تجارياً في عام 2026.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version