ارتفعت أسعار النفط بشكل ملحوظ في بداية الأسبوع، مدفوعة بتوقف مؤقت في عمليات الشحن من خط أنابيب كازاخستان – روسيا، وتصاعد التوترات الجيوسياسية في مناطق حيوية لإنتاج وتصدير النفط. يأتي هذا الارتفاع في وقت كانت فيه السوق تتجه نحو توقعات بزيادة المعروض، مما يعكس تعقيد العوامل المؤثرة حالياً على سوق الطاقة العالمي.

وشهد خام برنت لتسوية فبراير ارتفاعًا بنسبة 1.27% ليصل إلى 63.17 دولارًا للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.3% متجاوزًا حاجز 59 دولارًا. ويعود هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى تضرر أحد مراسي خط أنابيب كازاخستان الذي يربط حقول النفط الكازاخستانية بساحل روسيا على البحر الأسود، وتوقف عمليات التحميل منه.

تأثير التوترات الجيوسياسية على أسعار النفط

يُعد خط أنابيب كازاخستان – روسيا طريقًا رئيسيًا لتصدير النفط الكازاخستاني، حيث ينقل ما متوسطه 1.6 مليون برميل يوميًا حتى الآن هذا العام. ووفقًا لمصادر مطلعة، فإن المرسى المتضرر تعرض لأضرار جسيمة نتيجة انفجار، مما أدى إلى إعلان الشبكة أن “أي عمليات أخرى مستحيلة” في ذلك الموقع.

لم تصدر الحكومة الأوكرانية أي تعليق رسمي حول الحادث حتى الآن، إلا أنها أكدت تنفيذ هجمات منفصلة على منشآت نفطية وناقلات خلال عطلة نهاية الأسبوع، في إطار استمرار العمليات العسكرية التي تستهدف البنية التحتية للطاقة الروسية. وتأتي هذه الهجمات في وقت حساس، مع تزايد المخاوف بشأن أمن إمدادات الطاقة العالمية.

بالإضافة إلى ذلك، تتجه الأنظار نحو فنزويلا، حيث أثارت تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن إغلاق المجال الجوي للفنزويلا مخاوف بشأن إمدادات النفط من هذا البلد. وذكرت تقارير إخبارية أن البيت الأبيض سيعقد اجتماعًا لمناقشة الخطوات التالية تجاه فنزويلا.

موازنة بين العرض والطلب وتأثير المضاربات

تشير بيانات مجموعة “بريدجتون” للأبحاث إلى أن مستشاري تداول السلع كانوا يميلون بقوة إلى البيع، حيث بلغت مراكز البيع 90% يوم الاثنين. ومع ذلك، قام بعض المستشارين ذوي الأفق الزمني الأقصر بشراء العقود الآجلة مع ارتفاع الأسعار. ويعزى ذلك إلى أن هذه المؤسسات تتبع الاتجاهات، وبالتالي يمكن أن تقوم بتضخيم الحركات السعرية في أي من الاتجاهين.

أشار وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في مجموعة “آي إن جي” في سنغافورة، إلى أن “استمرار مخاطر الإمدادات يعني أن انعكاس الأساسيات السلبية بالكامل على الأسعار يستغرق وقتًا أطول”، على الرغم من توقعات السوق بوجود فائض كبير في المعروض. ويُعتبر هذا بمثابة توازن دقيق بين العوامل التي تدفع الأسعار نحو الأسفل وأخرى تدعمها.

في سياق متصل، أكد تحالف “أوبك+” بقيادة السعودية التزامه بخطة تجميد زيادات الإنتاج في الربع الأول من العام المقبل، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى معالجة ضعف الظروف الموسمية في السوق. وكانت هذه القرارات قد تم اتخاذها سابقًا بهدف تحقيق الاستقرار في أسعار النفط.

ويراقب المحللون عن كثب تطورات الوضع الجيوسياسي في كل من أوكرانيا وفنزويلا، بالإضافة إلى تأثير قرارات أوبك+ على المعروض، وذلك لتقدير المسار المستقبلي لأسعار النفط. ومن المتوقع أن يستمر التوتر في هذه المناطق بفرض ضغوط تصاعدية على الأسعار، خاصة في ظل وجود أي اضطرابات إضافية في الإمدادات. كما أن تقارير المخزونات الأسبوعية في الولايات المتحدة تعتبر من المؤشرات الهامة التي تؤثر على ديناميكيات النفط في السوق.

في الختام، تشير التطورات الحالية إلى أن سوق النفط ستظل عرضة للتقلبات في المدى القصير والمتوسط، بسبب تداخل العوامل الجيوسياسية والأساسية. ومن المتوقع أن يعقد تحالف أوبك+ اجتماعًا جديدًا في أوائل العام المقبل لمراجعة خطط الإنتاج وتحديد الاستجابة المناسبة لظروف السوق المتغيرة. وسيكون رد فعل السوق على هذا القرار، بالإضافة إلى أي تطورات جديدة في أوكرانيا وفنزويلا، حاسمًا في تحديد اتجاه أسعار النفط في الفترة القادمة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version