تستعد مسؤولو الرقابة المصرفية في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لإبلاغ الكونجرس بتوجهات جديدة لتنظيم القطاع المصرفي، مع التركيز بشكل خاص على البنوك والعملات المستقرة. يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه النظام المالي صراعاً متزايداً بين المؤسسات المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا المالية وشركات الأصول المشفرة، مما يتطلب إطاراً تنظيمياً حديثاً ومتوازناً.
وستقدم ميشال بومان، وهي من كبار مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، هذه التصريحات أمام لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأمريكي يوم الثلاثاء. وتهدف هذه الخطوة إلى ضمان منافسة عادلة مع تطور التكنولوجيا المالية، وفي نفس الوقت الحفاظ على سلامة واستقرار النظام المالي الأمريكي.
تنظيم العملات المستقرة وتأثيره على المشهد المالي
أكدت بومان أن الأولوية تتمثل في تطوير قواعد واضحة وشاملة لتنظيم العملات المستقرة، بما يتماشى مع متطلبات “قانون جينيوس”. يتضمن ذلك إلزام الجهات المصدرة لهذه العملات بالتسجيل الرسمي والاحتفاظ باحتياطيات كاملة بالدولار الأمريكي، لضمان قدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
بالإضافة إلى ذلك، تعتزم الوكالات التنظيمية تقديم إرشادات واضحة بشأن الأصول الرقمية الأخرى وتقييم حالات الاستخدام الجديدة المقترحة. ويهدف هذا النهج إلى تشجيع الابتكار مع تقليل المخاطر المحتملة التي قد تواجه المستثمرين والنظام المالي ككل.
خلافات حول تراخيص البنوك الرقمية
يتصاعد الجدل بين البنوك التقليدية وشركات التشفير حول مسألة تراخيص البنوك الرقمية. وترى شركات التشفير أن الحصول على هذه التراخيص سيعزز شرعيتها ويسهل وصولها إلى الخدمات المالية.
ومع ذلك، تحذر البنوك التقليدية من أن منح هذه التراخيص قد يؤدي إلى خلق بيئة تنافسية غير عادلة، حيث يمكن لشركات التشفير الاستفادة من مزايا الترخيص دون تحمل المسؤوليات الكاملة المترتبة على ذلك. وهناك قلق من أن هذا قد يضعف معايير الرقابة المصرفية ويعرض النظام المالي لمخاطر إضافية.
تأتي هذه المناقشات في سياق سعي الولايات المتحدة لتحديد موقفها التنظيمي من الأصول الرقمية. وقد شهدت الفترة الأخيرة تطورات متسارعة في هذا المجال، بما في ذلك انهيار بعض شركات التشفير الكبرى، مما زاد من الضغط على الجهات التنظيمية لوضع قواعد واضحة.
مراجعة معايير رأس المال المصرفي
كشفت بومان أيضاً عن خطط لتبسيط معايير رأس المال المصرفي، بما في ذلك مراجعة شاملة لـ “بازل 3″، وهو اتفاقية دولية تهدف إلى تعزيز الاستقرار المالي. وتركز المراجعة على إعادة تقييم الإطار بأكمله بدلاً من إجراء تعديلات جزئية، بهدف ضمان أن تكون متطلبات رأس المال متناسبة مع المخاطر التي تواجهها البنوك.
وبحسب تقارير إعلامية، فقد عرض الاحتياطي الفيدرالي بالفعل خططاً لتخفيف بعض متطلبات رأس المال التي كان من المقرر تطبيقها على أكبر البنوك في وول ستريت. يأتي هذا التعديل في إطار جهود أوسع لتخفيف العبء التنظيمي على البنوك وتعزيز قدرتها على المنافسة.
بالتوازي مع ذلك، يعمل الاحتياطي الفيدرالي على مراجعة الرسوم الإضافية التي يتم فرضها على البنوك الكبرى. تهدف هذه المراجعة إلى ضمان أن تكون الرسوم عادلة ومتناسبة مع حجم ونشاط البنوك.
تشمل الكلمات المفتاحية الثانوية في هذا السياق: “التكنولوجيا المالية” (FinTech)، “الابتكار المالي”، و “الرقابة المالية”.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول هذه القضايا في الأشهر المقبلة، مع احتمال تقديم مقترحات تشريعية وتنظيمية جديدة. سيكون من المهم مراقبة تطورات هذه المناقشات لمعرفة كيف ستؤثر على مستقبل القطاع المالي الأمريكي وعلى تنظيم العملات المستقرة والأصول الرقمية الأخرى. يبقى أيضاً من غير الواضح كيف ستتعامل الجهات التنظيمية مع التحديات الناشئة عن التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا المالية، وكيف ستوازن بين تشجيع الابتكار والحفاظ على الاستقرار المالي.

