وصلت شحنة من النفط الروسي تابعة لشركة “روسنفت” الخاضعة لعقوبات أمريكية إلى المياه الصينية بعد رحلة طويلة ومعقدة استمرت 11 أسبوعًا. هذه الرحلة المتعرجة، التي تضمنت عملية نقل نفط نادرة بين ناقلات قبالة سواحل الهند وتوقفًا قرب كوريا الجنوبية، تسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه تجارة النفط الروسي في ظل العقوبات الغربية. وتأتي هذه الشحنة في وقت يشهد فيه قطاع الطاقة العالمي تقلبات كبيرة.
وصلت الناقلة “فورتس” التي تحمل حوالي 700 ألف برميل من النفط الخام إلى قبالة ميناء ريزهاو في الصين يوم الثلاثاء، وفقًا لبيانات تتبع السفن. يُذكر أن جميع أرصفة الاستيراد في الميناء باستثناء رصيف واحد مدرجة في القائمة السوداء الأمريكية بسبب تورطها في تجارة النفط الإيراني، مما يثير تساؤلات حول تفريغ الشحنة.
حالة عدم اليقين في تجارة النفط الروسي
تُظهر رحلة هذه الشحنة تعقيدات جديدة تواجه تجارة النفط الروسي بعد فرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة في أكتوبر الماضي على شركتي “روسنفت” و”لوك أويل”. تهدف هذه العقوبات إلى تقليل قدرة روسيا على تمويل الحرب في أوكرانيا، ولكنها أدت إلى تغييرات كبيرة في طرق الشحن والتوزيع.
بدأت الشحنة رحلتها على متن الناقلة “أيلانا” في أواخر سبتمبر من ميناء أوست-لوجا في بحر البلطيق. ثم انتقلت الشحنة إلى ناقلة “فورتس” في عرض البحر بعد توقف الناقلة “أيلانا” قبالة مومباي في الهند. لاحقًا، غيّرت “فورتس” مسارها عدة مرات، مرورًا بكوتشي في الهند ثم نينغبو ويوسو في كوريا الجنوبية، حيث تم نقل جزء من الشحنة إلى ناقلة أخرى.
تأثير العقوبات على سلاسل الإمداد
عادةً ما تستغرق الرحلة من الموانئ الغربية في روسيا إلى الصين حوالي شهرين. إلا أن هذه الشحنة استغرقت ثلاثة أشهر للوصول إلى وجهتها المحتملة، مما يشير إلى أن العقوبات قد أدت إلى تأخيرات كبيرة وتعقيدات لوجستية. هذا التأخير يعكس محاولات لتجنب الرقابة المتزايدة من قبل الولايات المتحدة.
تأتي هذه التطورات في ظل تزايد الاهتمام ببدائل النفط الخام، حيث تسعى العديد من الدول إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. كما أن العقوبات قد أثرت على مشتريات النفط الروسي من قبل الهند، التي كانت من بين أكبر المستوردين.
ردود الفعل والتحديات اللوجستية
لم يصدر أي تعليق رسمي من مالكي أو مديري الناقلات “فورتس” و”أيلانا” حتى الآن. وتواجه الشركات صعوبات في التواصل وتقديم المعلومات بسبب تعقيدات العقوبات والقيود المفروضة على التعامل مع الكيانات الروسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القائمة السوداء الأمريكية لأرصفة الاستيراد في ميناء ريزهاو تضيف طبقة أخرى من التعقيد. قد تضطر الناقلة “فورتس” إلى البحث عن ميناء بديل لتفريغ الشحنة، مما قد يؤدي إلى مزيد من التأخير والتكاليف الإضافية.
مستقبل تجارة النفط الروسي
تُظهر هذه الحادثة أن العقوبات الأمريكية على روسيا بدأت تؤثر بشكل ملموس على تجارة النفط الخام، مما يجبر المشترين والبائعين على إيجاد طرق جديدة للتعامل مع القيود المفروضة. من المتوقع أن تستمر هذه التحديات في المستقبل القريب، خاصة مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتشديد العقوبات.
في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ناقلة “فورتس” ستفرغ شحنتها في ريزهاو. سيكون من المهم مراقبة تطورات هذا الموقف عن كثب، بالإضافة إلى ردود فعل الشركات المعنية والسلطات الصينية. من المرجح أن تؤثر هذه الأحداث على أسعار النفط العالمية وتدفقات الطاقة في الأشهر المقبلة.
من المتوقع أن تواصل الولايات المتحدة الضغط على روسيا من خلال فرض المزيد من العقوبات، بينما تسعى روسيا إلى إيجاد طرق جديدة لتجاوز هذه العقوبات والحفاظ على صادراتها من النفط الروسي. ستكون الصين، باعتبارها أحد أكبر مستهلكي النفط في العالم، تلعب دورًا حاسمًا في هذه المعادلة.

