انكمش نشاط المصانع في الولايات المتحدة في نوفمبر بأكبر وتيرة له منذ أربعة أشهر، مما يعكس استمرار التحديات التي تواجه القطاع الصناعي الأمريكي. أظهر مؤشر إدارة التوريد (ISM) تراجعًا إلى 48.2، وهو ما يشير إلى انكماش في النشاط الصناعي للمرة التاسعة على التوالي. يعزى هذا الانكماش بشكل رئيسي إلى ضعف الطلبيات وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يثير مخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي.

وفقًا لبيانات معهد إدارة التوريد الصادرة يوم الاثنين، ظل المؤشر دون مستوى 50 نقطة، وهو الخط الفاصل بين التوسع والانكماش. هذا يشير إلى أن الشركات الصناعية لا تزال تكافح للتغلب على فترة طويلة من الركود، على الرغم من بعض التحسن في الإنتاج. وتأتي هذه النتائج في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي تحديات متزايدة، بما في ذلك ارتفاع أسعار الفائدة والتوترات الجيوسياسية.

تأثير الرسوم الجمركية وعدم اليقين على نشاط المصانع

أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في هذا الانكماش هو عدم اليقين بشأن السياسات التجارية، وخاصة الرسوم الجمركية. تؤجل الشركات العملاء طلبات الشراء بسبب المخاوف بشأن التكاليف المستقبلية، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع المصنعة. وقد أبلغت حوالي 25% من الشركات المشاركة في المسح عن تخفيضات في التوظيف، وهي أعلى نسبة منذ منتصف عام 2020، مما يشير إلى أن التباطؤ يؤثر أيضًا على سوق العمل.

بالإضافة إلى ذلك، شهدت أسعار المواد المدفوعة ارتفاعًا للمرة الأولى في خمسة أشهر، وارتفعت بنحو 8 نقاط مئوية مقارنة بالعام الماضي. هذا الارتفاع في التكاليف يضغط على هوامش الربح للشركات ويجعل من الصعب عليها زيادة الإنتاج. وتشير البيانات إلى أن الشركات تحاول امتصاص بعض هذه التكاليف، لكن هذا قد لا يكون مستدامًا على المدى الطويل.

تراجع الطلبيات والمخزون

أظهر المسح انخفاضًا حادًا في الطلبيات الجديدة خلال شهر نوفمبر، بأسرع وتيرة له منذ شهر يوليو. كما انخفضت الأعمال المتراكمة بشكل ملحوظ، مما يشير إلى أن الشركات لديها قدرة إنتاجية أكبر من الطلب الحالي. في المقابل، شهد مؤشر الإنتاج ارتفاعًا، مسجلاً أسرع وتيرة توسع في أربعة أشهر، لكن هذا التحسن لم يكن كافيًا لتعويض الانخفاض في الطلب.

وانكمشت 11 صناعة من أصل 18 التي يشملها المسح في شهر نوفمبر، بما في ذلك الملابس والمنتجات الخشبية والورقية والمنسوجات. في حين شهدت أربع صناعات فقط نموًا، وهو أدنى عدد منذ عام. هذا التوزيع الواسع للانكماش يشير إلى أن المشاكل التي تواجه القطاع الصناعي الأمريكي ليست مقتصرة على قطاعات معينة.

تعكس تعليقات الشركات المشاركة في المسح هذه التحديات. أشارت شركة في قطاع الآلات إلى أن “مدخلات الطلبات الجديدة ضمن التوقعات، ولكن هناك زيادة في طلبات العملاء للحصول على الطلبيات في وقت أقرب”، مما يشير إلى أن العملاء يحاولون تجنب المخاطر. وفي قطاع معدات النقل، بدأت الشركات في “تطبيق تغييرات أكثر ديمومة بسبب بيئة الرسوم الجمركية”، بما في ذلك خفض عدد الموظفين وتطوير التصنيع الخارجي.

كما ذكرت شركة في قطاع المنتجات الكيميائية أن “الرسوم الجمركية وعدم اليقين الاقتصادي يواصلان الضغط على الطلب”، بينما أشار منتج للمنتجات المعدنية المصنعة إلى أن “السوق غير المستقرة جعلت أسعار المواد الخام شديدة التقلب”. وأعربت شركات أخرى عن قلقها بشأن صعوبات التوريد والارتباك التجاري.

على الرغم من تراجع الطلب، شهدت أوقات تسليم الموردين تسارعًا للمرة الأولى في أربعة أشهر. كما استمرت مخزونات المنتجين والعملاء في الانخفاض، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالشهر السابق. هذا يشير إلى أن الشركات لا تزال حذرة بشأن بناء المخزونات، على الرغم من تحسن ظروف التوريد.

بشكل عام، تشير البيانات إلى أن القطاع الصناعي الأمريكي يواجه تحديات كبيرة، وأن الانتعاش قد يكون أبطأ مما كان متوقعًا. من المتوقع أن يستمر هذا الوضع في المدى القصير، ما لم يكن هناك تحسن في السياسات التجارية وتخفيف الضغوط التضخمية. سيراقب المحللون عن كثب بيانات النشاط الصناعي القادمة، بالإضافة إلى التطورات في السياسة النقدية والمالية، لتقييم آفاق الاقتصاد الأمريكي.

من المرجح أن يعتمد مستقبل القطاع الصناعي على قدرته على التكيف مع البيئة الاقتصادية المتغيرة، وإيجاد طرق لخفض التكاليف وزيادة الكفاءة. كما أن وضوح السياسات التجارية سيكون أمرًا بالغ الأهمية لاستعادة ثقة الشركات والعملاء. من المتوقع صدور بيانات مؤشر إدارة التوريد لشهر ديسمبر في أوائل شهر يناير، وستوفر هذه البيانات لمحة جديدة عن صحة النشاط الاقتصادي في الولايات المتحدة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version