تواجه الصين تحديًا ديموغرافيًا متزايدًا، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات غير تقليدية. اعتبارًا من الأول من يناير 2026، ستفرض ضريبة مبيعات بنسبة 13٪ على الواقي الذكري وأقراص منع الحمل وغيرها من وسائل منع الحمل، في محاولة لتعزيز معدلات المواليد المتدنية. يأتي هذا القرار مصحوبًا بحزمة من الحوافز المالية الأخرى التي تهدف إلى تشجيع الأزواج على إنجاب الأطفال.
الضريبة على وسائل منع الحمل: جزء من خطة أوسع لزيادة المواليد
يهدف هذا الإجراء المثير للجدل إلى معالجة الآثار طويلة المدى لانخفاض معدلات المواليد وارتفاع نسبة الشيخوخة في الصين. فقد انخفض عدد المواليد في الصين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مما يثير مخاوف بشأن مستقبل القوى العاملة والاقتصاد. وتشير التقديرات إلى أن عدد المواليد في العام الماضي بلغ 9.54 مليون، أي ما يقرب من نصف ما كان عليه قبل عقد من الزمان، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء.
بالإضافة إلى الضريبة الجديدة على وسائل منع الحمل، تقدم الحكومة حوافز مالية أخرى. ستتلقى كل عائلة بدلًا نقديًا سنويًا قدره 3600 يوان (حوالي 500 دولار أمريكي) لكل طفل يولد بعد الأول من يناير 2025، وفقًا لتقرير صادر عن بلومبرج. كما يتم إعفاء خدمات رعاية الأطفال ومؤسسات رعاية المسنين ومقدمي خدمات الإعاقة من الضرائب.
تغييرات في إجازات الأمومة والأبوة
تشمل التغييرات أيضًا تمديد إجازة الأمومة، والتي تختلف حسب المدينة ولكنها زادت من 128 يومًا إلى 158 يومًا في المدن الكبرى مثل بكين. بالإضافة إلى ذلك، هناك مقترح بمنح إجازة أبوة مدفوعة الأجر لمدة 30 يومًا. تهدف هذه الإجراءات إلى تخفيف العبء المالي على الأسر وتشجيع المزيد من الأزواج على إنجاب الأطفال.
ومع ذلك، فإن تكلفة تربية طفل في الصين مرتفعة للغاية. تشير التقديرات إلى أن تربية طفل حتى سن 18 عامًا يمكن أن تكلف حوالي 538 ألف يوان (حوالي 76 ألف دولار أمريكي)، مما يجعل الكثير من الشباب يعيدون النظر في قرار إنجاب الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، فإن سوق العمل الصيني يواجه صعوبات، مما يزيد من الضغوط المالية على الأسر الشابة.
يأتي هذا التحول في السياسة في تناقض صارخ مع سياسة الطفل الواحد الشهيرة التي اتبعتها الصين لعقود. كانت هذه السياسة تهدف إلى الحد من النمو السكاني السريع، ولكنها أدت إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك الإجهاض والقتل والتخلي عن الأطفال الإناث. انتهت سياسة الطفل الواحد في يناير 2016، ولكن معدل المواليد في الصين استمر في الانخفاض.
وفقًا لـ He Yafu، عالم الديموغرافيا في معهد YuWa لأبحاث السكان في بكين، فإن إزالة الإعفاء من ضريبة القيمة المضافة على وسائل منع الحمل هو إجراء رمزي في الغالب، ومن غير المرجح أن يكون له تأثير كبير على الصورة الأكبر. ومع ذلك، يعكس هذا الإجراء جهدًا لتشكيل بيئة اجتماعية تشجع على الإنجاب وتقلل من الإجهاض.
يثير هذا القرار قلقًا في المجتمع الطبي، حيث يخشى البعض من أنه قد يؤدي إلى زيادة انتشار فيروس نقص المناعة البشرية (HIV). فقد أظهر مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين ارتفاعًا في حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز من 0.37 لكل 100 ألف شخص إلى 8.41 بين عامي 2002 و 2021، على الرغم من انخفاض معدلات الإصابة عالميًا.
أثارت هذه الإجراءات أيضًا جدلاً واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي. كتب أحد المتشككين على موقع ويبو الصيني: “إذا كان شخص ما لا يستطيع تحمل تكلفة الواقي الذكري، فكيف يمكنه تحمل تكلفة تربية طفل؟”. تعكس هذه التعليقات القلق المتزايد بشأن التحديات الاقتصادية التي تواجهها الأسر الشابة في الصين.
بالإضافة إلى السياسات السكانية، تواجه الصين تحديات اقتصادية واجتماعية أخرى تؤثر على قرارات الإنجاب. تشمل هذه التحديات ارتفاع تكاليف التعليم والرعاية الصحية، وعدم المساواة في الدخل، والضغوط الاجتماعية على المرأة.
من المتوقع أن تواصل الحكومة الصينية تنفيذ المزيد من الإجراءات لتشجيع الإنجاب في الأشهر والسنوات القادمة. ومع ذلك، فإن فعالية هذه الإجراءات لا تزال غير مؤكدة. سيكون من المهم مراقبة معدلات المواليد والوفيات والهجرة في الصين لتقييم تأثير هذه السياسات على المدى الطويل. كما سيكون من المهم مراقبة التطورات في سوق العمل والاقتصاد الصيني لتقييم قدرة الأسر الشابة على تحمل تكاليف تربية الأطفال.

