19/7/2025–|آخر تحديث: 17:31 (توقيت مكة)
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد الركن حسن جوني إن مشاهد العمليات التي بثتها كتائب القسام من مدينة جباليا، شمالي قطاع غزة، تُظهر اعتماد المقاومة على تكتيكات ميدانية جديدة تتسم بالجرأة والدقة، وتعكس تطورا لافتا في مستوى التخطيط والتنفيذ.
وبثت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، السبت، مشاهد جديدة وثقت عمليتين نُفذتا في جباليا ضمن سلسلة “حجارة داود”، الأولى شملت الإجهاز على 3 جنود من مسافة صفر، والثانية تم خلالها استهداف دبابتين للاحتلال باستخدام قذيفة “تاندوم” وعبوة “برق” شديدة الانفجار.
كما أعلنت الكتائب عن استهداف جرافة من نوع “دي 9” ودبابات ميركافا في مناطق متفرقة بمدينة جباليا خلال أيام متتالية، باستخدام عبوات ناسفة وقذائف موجهة، مؤكدة أن العمليات جرت بعد عمليات رصد دقيقة.
ورأى العميد جوني -في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة- أن العملية التي نُفذت بتاريخ 12 يوليو/تموز تمثل نموذجا متقدما من حيث البناء الميداني والتكتيكي، إذ جرى الإعداد لها على مسافة قريبة من مسرح الاشتباك، مع استغلال الركام كغطاء طبيعي للتسلل نحو الآليات الإسرائيلية.
وبيّن أن المقاومين استخدموا قذيفة مضادة للدروع لاستهداف دبابة أولى، فيما تقدم مقاتل آخر في اللحظة ذاتها لزرع عبوة متفجرة على سطح دبابة ثانية، مستهدفا على الأرجح منطقة التهوية خلف البرج، وهي نقطة ضعف في تصميم الميركافا.
احترافية عالية
وأشار إلى أن التنسيق بين لحظة إطلاق القذيفة وزرع العبوة عكس احترافية عالية، وهو ما ساعد على إرباك جنود الاحتلال وشلّ حركتهم مؤقتا، مما أتاح للمقاومين إتمام العملية بنجاح والانسحاب بسرعة وسط الغبار والدخان.
ولفت إلى أن اختيار المقاومة لموضع العبوة على سقف الدبابة لم يكن عشوائيا، بل استند إلى معرفة دقيقة ببنية الدروع الإسرائيلية، معتبرا أن هذه العملية تمثل “مناورة ذكية” تجمع بين التخطيط الهندسي والمخاطرة الميدانية.
وشرح جوني أن عدم استخدام قذيفتين في الوقت نفسه كان خيارا تكتيكيا يهدف إلى تحقيق عنصر المفاجأة، لافتا إلى أن الصاروخ وحده قد لا يكون كافيا لتدمير الدبابة، فيما تضمن العبوة الموضوعة يدويا إصابة دقيقة في نقطة ضعف حرجة.
وأكد أن مثل هذه العمليات لا تتطلب قوة نارية كثيفة، بل تستند إلى عنصر المبادرة والجرأة، وهو ما يتجسد في تحرك مجموعة صغيرة من المقاتلين الذين نفذوا المهمة خلال وقت قصير للغاية، بما لا يتجاوز دقيقة واحدة من لحظة الاشتباك.
معنويات عالية
كما شدد على أن هذه المشاهد تعكس أيضا معنويات عالية لدى المقاتلين، إذ ظهر أحدهم وهو يُعد العبوة ويوجه رسالة مباشرة للاحتلال، مما يدل على الثقة والجاهزية والإيمان بالقدرة على مقارعة جيش تقليدي مدجج بالسلاح.
واعتبر جوني أن توقيت نشر هذه المشاهد يأتي في سياق تثبيت سردية المقاومة، لا سيما بعد كلمة أبو عبيدة -المتحدث باسم القسام- الأخيرة التي تحدث فيها عن مئات القتلى والجرحى في صفوف الاحتلال ضمن عملية “حجارة داود”، مشيرا إلى أن الفيديو يُظهر مصداقية هذا الإعلان.
وقال إن نجاح مثل هذه العمليات يعود أيضا إلى ما وصفه بـ”الفرصة الحاسمة”، حيث يجري اختيار الهدف بناء على ثغرة مؤقتة في انتشار وحدات العدو، مثل انسحاب قوة أو تراجع مستوى التغطية الجوية في نقطة معينة داخل القطاع.
وتابع أن عمليات جباليا تؤشر إلى وجود إستراتيجية لدى المقاومة تقوم على استنزاف العدو وتشتيت انتشاره، من خلال تنفيذ ضربات مفاجئة في محاور متعددة، سواء في الشمال كما حدث في جباليا، أو في محيط غزة وبيت حانون وخان يونس.