|

بانكوك- عندما وصلت إلى تايلند، وبما أني من الذين لا يحبون تجريب طعام غير معتاد، كان طبيعيا أن أبحث يوميا عن المطاعم العربية، وهي مهمة يسيرة إذا كنت تقيم في تلك المنطقة من العاصمة بانكوك، التي يطلق عليها اسم شارع العرب.

ليس المطاعم فقط وإنما معظم المحال تحمل لافتاتها أسماء بلغة الضاد، وفي الداخل ستسمع العربية وكأنك في بلادها، فالعاملون فريقان: إما تايلنديون عاشوا ودرسوا في بلاد العرب أو شبان عرب تركوا بلادهم بحثا عن حلم الثراء أو حتى لقمة العيش.

لم أتفاجأ بوجود يمنيين مثلا، فقد وجدت ذلك في دول أخرى بجنوب آسيا مثل ماليزيا، لكن مفاجأتي كانت في أن المصريين أيضا وصلوا إلى هناك.

ورغم أن تايلند لا تُعد من الوجهات التقليدية للمهاجرين المصريين، فإن السنوات الأخيرة شهدت تدفقًا متزايدًا لشباب مصريين، يعملون في مجالات متعددة مثل السياحة، والمطاعم، والتعليم، إضافة إلى التجارة الإلكترونية وحتى مجالات العمل الحر عبر الإنترنت.

تحدثنا مع عدد منهم، فوجدنا أن بعضهم نجح في تأسيس مشاريع خاصة أو الحصول على وظائف مستقرة، لكن الطريق كان صعبا لآخرين عانوا في البحث عن العمل، ويشتكون من صعوبة الحصول على تصاريح عمل قانونية، وارتفاع تكاليف المعيشة، فضلا عن الحواجز اللغوية، والافتقار النسبي للدعم القنصلي أو التمثيل الرسمي الفاعل.

في شارع العرب بالعاصمة التايلندية بانكوك تجد لافتات المحال باللغة العربية (الجزيرة)

اسم فرعوني

في إحدى جولاتي بشارع العرب وجدت مطعما يحمل اسما فرعونيا، وعندما دخلت كان من استضافني مصريا، وكذلك كانت أغلبية أصناف قائمة الطعام التي قدمها لي.

الترحاب والأسلوب اللبق هو ما دفعني للتعمق في الحديث مع الشاب محمد مجدي الذي نشأ في العاصمة المصرية القاهرة وبدأ تجربة السفر قبل 13 عاما حيث عمل في قطر ثم في العراق، ومن هناك جاءته فكرة السفر إلى تايلند بعد أن التقى شابا مصريا سبق أن خاض هذه التجربة.

يقول محمد، إنه وصل بانكوك قبل عامين في تجربة كانت أشبه بالمغامرة، موضحا، أن تجربته ناجحة حتى الآن، لكن هذا لأنه كان محظوظا بالعمل في مطعم معظم رواده من العرب وبالتالي نجا من عائق ضرورة إتقان اللغة التايلندية، مع أنه يؤكد في الوقت نفسه، أن إتقان اللغة يساعد في فتح أبواب العمل كما يسهل الاندماج في المجتمع.

سألته عن أمور العبادة فقال إن المساجد متوفرة، كما أن الطعام الحلال هو المعتاد في شارع العرب بالنظر إلى كون معظم رواده من العرب القادمين، إما للسياحة أو للعلاج، حيث توجد قرب الشارع إحدى أكبر المستشفيات التي يقصدونها.

المثير أن محمد مجدي أصر أن يستغل فرصة الحديث عن الدين كي يختم بنصيحة يرى أنها ضرورية للشباب العربي المسلم الذي يفكر في السفر إلى تايلند، ويقول إن الحرية هناك ليس لها قيود لذا تقع على الشخص ذاته مهمة الحفاظ على دينه ومعتقداته وأخلاقه.

محمد طنطاوي (الجزيرة)

لا تذهب دون ترتيب

في اليوم التالي كنت على موعد مع مطعم آخر لأصادف مصريا آخر وأيضا تجربة أخرى.

محمد طنطاوي شاب من مدينة دمنهور في محافظة البحيرة الواقعة شمال مصر، وتجربته في تايلند تختلف عن سابقه، حيث وصل إليها قبل سبع سنوات وأقام عامين ثم عاد إلى مصر قبل أن يسافر إلى تايلند من جديد ويقضي فيها أربع سنوات حتى الآن.

ولم يختلف طنطاوي عن مجدي في الإشادة بطيبة الشعب التايلندي مؤكدا أنهم لا يمتلكون نفسا عدائيا تجاه الأجانب، ومن السهل أن يحبوك طالما لم تقدم على ما يغضبهم أو يسيء إليهم.

لكن طنطاوي اختار التركيز على نصيحة أخرى يقدمها للمصريين خصوصا والشباب العربي عموما الذي يفكر في التوجه إلى تايلند بغرض العمل، وهي ألا يفعل ذلك دون ترتيب مسبق، يتعلق بالحصول على عمل أو على الأقل التأكد من وجود أشخاص سيساعدونه بصدق وإخلاص في هذا الشأن ولديهم الوقت والقدرة على ذلك.

ويؤكد الشاب المصري، أن يتحدث في هذه النقطة بحماس انطلاقا من تجارب مرت به، مؤكدا أنه لا بأس من السفر إلى آخر الدنيا من أجل إثبات الذات وكسب العيش، لكن من المهم أن يكون ذلك على بصيرة وبعد ترتيب كي لا يتحول الحلم إلى كابوس.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version