سارعت دول حليفة للولايات المتحدة ومسؤولون أوكرانيون، الأربعاء، إلى طلب توضيحات بشأن مقترحات جديدة لخطة السلام في أوكرانيا، وسط مخاوف من أن هذه المقترحات قد تشمل تنازلات كبيرة لصالح روسيا. وتأتي هذه التحركات مع تكثيف الجهود الأميركية للتوصل إلى حل للنزاع المستمر، وهو ما أثار جدلاً حول مدى استعداد واشنطن للضغط على كييف لتقديم تنازلات إقليمية واستراتيجية.
تتضمن هذه المقترحات، التي يقودها المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، والمنقاشة مع مسؤولين روس، حزمة من 28 بنداً تشمل قضايا حساسة مثل الضمانات الأمنية، والسيطرة على الأراضي المتنازع عليها، ومستقبل العلاقات بين أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة. ويأتي هذا في وقت يشهد فيه الدعم الغربي لأوكرانيا بعض التراجع، مما يزيد من الضغوط على كييف لتقبل شروطاً قد لا تتفق مع طموحاتها في استعادة سيادتها الكاملة.
خطة السلام في أوكرانيا: ردود فعل متباينة وتساؤلات حول التنازلات
أثارت خطة السلام المقترحة صدمة وقلقاً لدى العديد من المسؤولين الأوكرانيين والأوروبيين، الذين يرون فيها محاولة أميركية للتعجيل بإنهاء الحرب على حساب المصالح الأوكرانية. ويخشى هؤلاء من أن يؤدي قبول كييف بتنازلات إقليمية إلى مكافأة روسيا على عدوانها، وإرسال رسالة سلبية إلى دول أخرى قد تفكر في اتباع نفس النهج. بالإضافة إلى ذلك، يثير تقييد الجيش الأوكراني مخاوف جدية بشأن قدرة الدولة على الدفاع عن نفسها في المستقبل.
وتشمل المقترحات الروسية، وفقاً لمصادر مطلعة، إصراراً على بسط السيطرة على مناطق واسعة في شرق أوكرانيا تتجاوز تلك التي سيطرت عليها خلال العمليات العسكرية الأخيرة، بالإضافة إلى رفض أي ضمانات أمنية مستقبلية من الحلفاء الغربيين. هذه المطالب تعتبر غير مقبولة بالنسبة لأوكرانيا، التي تسعى جاهدة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) للحصول على حماية ضد أي تهديدات روسية محتملة.
المخاوف الأوروبية وتأكيد مبادئ السلام العادل
أعرب حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيون عن قلقهم البالغ بشأن منح روسيا أي تنازلات إقليمية، معتبرين أن ذلك قد يقوض أسس الأمن والاستقرار في القارة. وأكدت العديد من العواصم الأوروبية على ضرورة التمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها. كما شددوا على أهمية إشراك أوكرانيا بشكل كامل في أي مفاوضات أو اتفاقيات مستقبلية تتعلق بمصيرها.
وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أن أي خطة لإنهاء الحرب في أوكرانيا يجب أن تحظى بدعم كل من الأوكرانيين والأوروبيين لكي تنجح. وبينما رحب وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، بأي مبادرات للدخول في مفاوضات، إلا أنه شدد على ضرورة إشراك كييف وأوروبا بشكل كامل في هذه العملية.
الولايات المتحدة وتوازن المصالح
في المقابل، تبدي الإدارة الأميركية تفاؤلاً حذراً بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق، معتبرة أن الخطة المقترحة تمثل نقطة انطلاق جيدة للحوار بين الطرفين. وأشار مسؤول رفيع في البيت الأبيض إلى أن إطار عمل لإنهاء النزاع قد يحصل على موافقة جميع الأطراف بحلول نهاية الشهر الجاري. ومع ذلك، أقر المسؤول بالحاجة إلى إبداء مرونة من قبل كلا الطرفين لتحقيق تقدم ملموس.
ويُذكر أن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، قد صرح بأن إنهاء حرب أوكرانيا يتطلب موافقة الجانبين على تنازلات صعبة. وأضاف أن الولايات المتحدة ستواصل تطوير قائمة بالأفكار المحتملة لإنهاء الحرب بناءً على مدخلات من الطرفين المتنازعين. وهذا يوضح السعي الأميركي لإيجاد حلول وسطية ترضي جميع الأطراف، مع إدراك أن تحقيق السلام يتطلب حواراً مفتوحاً وتنازلاً من كلا الجانبين.
مستقبل المفاوضات والتحديات القادمة
لا تزال العديد من القضايا العالقة تحتاج إلى معالجة، بما في ذلك دور الناتو في مستقبل الأمن الأوروبي، وتحديد الوضع النهائي للمناطق المتنازع عليها، ووضع ضمانات موثوقة لسلامة أوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، يكمن التحدي في ضمان التزام جميع الأطراف بتنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه، وتجنب أي تصعيدات مستقبلية قد تهدد الاستقرار في المنطقة. يُضاف إلى ذلك، موقف روسيا الذي لا يزال يتسم بالصلابة، ورفضها المتكرر لأي حلول لا تتوافق مع مصالحها الاستراتيجية.
من المقرر أن يستمر المبعوث الأميركي الخاص في جهوده الدبلوماسية، وأن يجري مشاورات مع المسؤولين الأوكرانيين والأوروبيين والروسيين بهدف تضييق الخلافات والتوصل إلى اتفاق شامل. في الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في تحقيق انفراجة حقيقية، أم أنها ستواجه المزيد من العقبات والتحديات. سيتطلب الأمر جهوداً مكثفة، ورغبة حقيقية في التوصل إلى حلول سلمية، من أجل إنهاء هذه الحرب المأساوية وإعادة الأمن والاستقرار إلى أوكرانيا والمنطقة.

