كشف موظف سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) عن تقرير سري يشير إلى تضليل محققين في الكونجرس بشأن أنشطة لي هارفي أوزوالد قبل اغتيال كينيدي. هذا الاكتشاف يثير تساؤلات جديدة حول مدى الشفافية الحكومية في التحقيقات المتعلقة بهذه القضية التاريخية، ويأتي في وقت يتزايد فيه الضغط للكشف عن جميع الوثائق المتعلقة بالجريمة.
أفاد توماس بيرسي، الذي عمل مؤرخًا في وكالة الاستخبارات المركزية، أن التقرير الذي أعده المفتش العام السابق للوكالة يوضح كيف تم إخفاء معلومات وتقديم نسخ “منقحة” من ملفات مهمة، بما في ذلك سجلات محطة الوكالة في مكسيكو سيتي، عن لجنة التحقيق في الاغتيالات خلال السبعينيات. هذا التكشف يضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى الرواية الرسمية للأحداث.
تفاصيل جديدة حول تضليل التحقيقات في اغتيال كينيدي
وفقًا لبيرسي، يقع التقرير في حوالي 50 صفحة، ويقدم رؤية جديدة حول كيفية إخفاء أجهزة الاستخبارات الأمريكية حقائق ووثائق حول اغتيال كينيدي لم يتم الكشف عنها حتى الآن. عثر بيرسي على هذا التقرير بالصدفة في غرفة آمنة تابعة للوكالة عام 2009 أثناء بحثه في السياسة الأمريكية تجاه أمريكا اللاتينية.
التقرير يركز على مذكرة داخلية مؤرخة في 23 أغسطس 1978، حيث يتباهى مسؤول في وكالة الاستخبارات المركزية بأنهم نجحوا في خداع روبرت بلاكي، المستشار العام للجنة مجلس النواب الخاصة بالاغتيالات. كان بلاكي يسعى للوصول إلى سجلات التحقيق المتعلقة بمقر وكالة الاستخبارات المركزية في مكسيكو سيتي، وهي المحطة التي زارها أوزوالد قبل اتهامه بقتل كينيدي.
الصور والوثائق المخفية
يشير التقرير إلى أن ضباط وكالة الاستخبارات المركزية قدموا لبلاكي نسخًا “منقحة” من هذه السجلات، بعد إزالة الوثائق التي لم تكن الوكالة ترغب في أن يراها الكونجرس. يقول بيرسي إن بلاكي لم يطرح أي أسئلة بعد مراجعة النسخ المنقحة لمدة 20 إلى 30 دقيقة، مما يشير إلى أن التضليل كان فعالاً.
بالإضافة إلى ذلك، ذكر بيرسي أنه رأى علبة فيلم رمادية تحمل تسمية “أوزوالد في المكسيك” أو “أوزوالد في مكسيكو سيتي”. التقرير يذكر أيضًا وجود أربع كاميرات و2300 صورة تم التقاطها في مكسيكو سيتي، وهو ما يتعارض مع النفي السابق لوكالة الاستخبارات المركزية لامتلاكها أي صور أو تسجيلات لأوزوالد خلال زيارته للمدينة.
هذا الكشف يثير تساؤلات حول ما إذا كانت وكالة الاستخبارات المركزية كانت على علم مسبق بتحركات أوزوالد ونواياه، وما إذا كانت قد أخفت معلومات حيوية عن التحقيقات الرسمية. لي هارفي أوزوالد، المتهم بتنفيذ الاغتيال، لا يزال موضوع جدل ونظريات مؤامرة حتى اليوم.
الشفافية والضغط المستمر
تأتي هذه التصريحات في وقت يزداد فيه الضغط على الحكومة الأمريكية للكشف عن جميع الوثائق المتعلقة بقضية كينيدي. قانون سجلات كينيدي لعام 1992 كان يهدف إلى نشر جميع السجلات بحلول عام 2017، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
في يوليو الماضي، اعترفت وكالة الاستخبارات المركزية بشكل ضمني بأن أحد عملائها الغامضين، جورج يوهانيديس، كان يراقب أوزوالد قبل الاغتيال. كما تبين أن يوهانيديس قد ضلل لجنة مجلس النواب الخاصة بالاغتيالات، وهو ما اكتشفه بلاكي لاحقًا.
متحدثة باسم وكالة الاستخبارات المركزية أكدت التزام الوكالة بالشفافية الكاملة، مشيرة إلى الجهود الإضافية التي بذلتها الوكالة للإفراج عن ملفات كينيدي خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب. التحقيقات في الاغتيال مستمرة، على الرغم من مرور أكثر من ستة عقود على الجريمة.
من المتوقع أن تستمر الجهود الرامية إلى الكشف عن الوثائق المتبقية المتعلقة باغتيال كينيدي في الأشهر والسنوات القادمة. سيراقب المراقبون عن كثب أي معلومات جديدة تظهر، وكيف ستؤثر على فهمنا لهذه القضية التاريخية المعقدة. لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت جميع الحقائق ستكشف في النهاية، لكن الضغط العام والسياسي يتزايد على الحكومة الأمريكية لتقديم المزيد من الشفافية.

