يثير التوتر المتزايد داخل الحزب الجمهوري حول قضايا البيئة والزراعة جدلاً واسعاً، خاصةً مع تصاعد حركة “اجعل أمريكا زراعية مرة أخرى” (MAHA). يركز هذا الجدل على وعود الرئيس ترامب بدعم المزارع العائلية وتقليل تأثير الشركات الكبرى على الهيئات التنظيمية، وتحديداً وكالة حماية البيئة (EPA). وتتهم الحركة بعض القيادات الجمهورية، وعلى رأسهم النائب لي زيلدين، بعدم الوفاء بهذه الوعود.
بدأت هذه الخلافات تتصاعد في الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة، مع إطلاق عريضة من قبل مجموعة من النشطاء والمزارعين، تطالب بتطبيق سياسات زراعية أكثر استدامة وحماية للبيئة. وتستهدف العريضة بشكل خاص النائب زيلدين، الذي يُنتظر أن يعرض خطة عمل خاصة به في هذا المجال، معتبرةً أن خططه قد لا تتوافق مع أهداف الحركة.
حركة “اجعل أمريكا زراعية مرة أخرى” وتوقعات الناخبين
تعتبر حركة “MAHA” امتداداً لحركة “اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” (MAGA) التي اشتهر بها الرئيس ترامب، ولكنها تركز بشكل خاص على قضايا الزراعة والبيئة. تؤكد كيلي رايرسون، إحدى منظمات العريضة، أن هناك سوء فهم كبير داخل الحزب الجمهوري حول مدى اهتمام الناخبين بهذه القضايا. وتشير إلى أن جوهر هذه الحركة يكمن في إبعاد المصالح التجارية عن الهيئات التنظيمية المسؤولة عن حماية البيئة وصحة المواطنين.
وفقاً لمراقبين سياسيين، فإن الحركة تعكس قلقاً متزايداً بين بعض الناخبين الجمهوريين بشأن تأثير الزراعة الصناعية على البيئة، واستخدام المبيدات الحشرية الضارة، وتدهور التربة. وتشير رايرسون إلى أن وكالة حماية البيئة أصبحت أسوأ حالاً في عهد الإدارة الحالية مقارنة بإدارة الرئيس بايدن، وهو ما يثير إحباطاً كبيراً لدى الناخبين الذين توقعوا تغييراً إيجابياً.
دعم الإدارة لبعض المبادرات الزراعية
على الرغم من الانتقادات، تشيد رايرسون ببعض القيادات الأخرى في الإدارة، مثل روبرت كينيدي وجون رولينز، الرئيس ترامب نفسه. فقد أعلن كينيدي ورولينز مؤخراً عن برنامج تجريبي بقيمة 700 مليون دولار لدعم الزراعة المتجددة، وهو ما تعتبره رايرسون مثالاً على التزام الإدارة بتحسين النظام الغذائي وحماية البيئة.
الزراعة المتجددة تركز على ممارسات زراعية تحسن صحة التربة، وتقلل من استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية، وتعزز التنوع البيولوجي. وتشمل هذه الممارسات تناوب المحاصيل، والزراعة بدون حراثة، واستخدام الأسمدة العضوية، وزراعة النباتات الغطائية.
التناقض في دعم المزارع الصناعية
ومع ذلك، يرى منتقدو الإدارة أن دعمها للمزارع الصناعية، وهي المستهلك الرئيسي للمبيدات الحشرية الضارة، يفوق بكثير دعمها للمزارع التي تتبنى أساليب زراعية صديقة للبيئة. تعترف رايرسون بهذا التناقض، مشيرة إلى أن المزارع الصناعية تهيمن على قطاع الزراعة، وأن هذا الواقع يشكل تحدياً كبيراً أمام تحقيق الاستدامة البيئية.
وتقول رايرسون إن الحركة تسعى إلى تغيير جذري في النظام الزراعي، وإلى وقف الدعم المالي الهائل الذي تقدمه الحكومة للمنتجات التي لا تعتبر غذاءً صحياً. وتشير إلى أن هذا الدعم يشجع على استمرار الممارسات الزراعية الضارة بالبيئة والصحة العامة.
تحديات تواجه حركة MAHA
تواجه حركة “MAHA” تحديات كبيرة في محاولة التأثير على السياسات الزراعية في الولايات المتحدة. أحد هذه التحديات هو قوة جماعات الضغط الزراعية الكبرى، التي تسعى إلى الحفاظ على الوضع الراهن وحماية مصالحها التجارية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه مؤيدو الحركة صعوبة في إقناع بعض السياسيين الجمهوريين بضرورة إعطاء الأولوية لقضايا البيئة والاستدامة.
الزراعة المستدامة هي مفهوم يتجاوز مجرد الزراعة العضوية، ليشمل جوانب اقتصادية واجتماعية تهدف إلى ضمان استمرار الإنتاج الزراعي للأجيال القادمة. الأمن الغذائي هو أيضاً قضية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالزراعة المستدامة، حيث يهدف إلى توفير غذاء صحي وآمن لجميع السكان.
في المقابل، يرى البعض أن التركيز على الزراعة المستدامة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتقليل الإنتاجية الزراعية. ويرون أن المزارع الصناعية تلعب دوراً حيوياً في تلبية الطلب المتزايد على الغذاء في العالم.
البيئة هي محور اهتمام رئيسي لحركة MAHA، حيث تسعى إلى حماية الموارد الطبيعية وتقليل التلوث الناتج عن الأنشطة الزراعية. وكالة حماية البيئة (EPA) هي الهيئة الحكومية المسؤولة عن تنفيذ القوانين واللوائح البيئية في الولايات المتحدة، وتعتبر هدفاً رئيسياً لانتقادات الحركة.
ويبدو أن الرئيس ترامب لا ينوي التخلي عن سياسة الدعم المالي للمزارع، والتي سبق أن طبقها خلال فترة رئاسته الأولى. وهذا الدعم، الذي يهدف إلى تعويض المزارعين عن الخسائر الناجمة عن الحروب التجارية أو الكوارث الطبيعية، غالباً ما يذهب إلى المزارع الصناعية التي تعتمد على المبيدات الحشرية.
من المتوقع أن يعرض النائب زيلدين خطة عمله الخاصة في مجال الزراعة والبيئة في الأسابيع القادمة. وسيكون من المهم مراقبة مدى توافق هذه الخطة مع أهداف حركة “MAHA” ومدى قدرتها على تلبية توقعات الناخبين المهتمين بقضايا الاستدامة البيئية. كما يجب متابعة ردود فعل جماعات الضغط الزراعية الكبرى على هذه الخطة، وتقييم تأثيرها المحتمل على السياسات الزراعية في الولايات المتحدة.

