تزايدت المخاوف بشأن المراقبة الحكومية في الولايات المتحدة، حيث كشفت مناقشات حديثة في الكونجرس عن توسيع صلاحيات جمع البيانات ليشمل نطاقًا أوسع من الشركات والمؤسسات. يشمل ذلك أصحاب العقارات التجارية، بالإضافة إلى استمرار الجدل حول ممارسات شراء البيانات الشخصية من الوسطاء، مما يثير تساؤلات حول الخصوصية والحريات المدنية.

أظهرت جلسات استماع في الكونجرس أن الحكومة الأمريكية قد تضطر إلى مطالبة أصحاب المباني التجارية بتوفير المساعدة في عمليات المراقبة، وهو ما يثير قلقًا واسع النطاق. هذا التوسع في الصلاحيات يثير تساؤلات حول مدى وصول الحكومة إلى الاتصالات الخاصة للمواطنين، وكيفية حماية البيانات الشخصية من سوء الاستخدام.

توسيع نطاق المراقبة الحكومية

وفقًا لشهادات أدلى بها خبراء قانونيون ومحللون سياسيون أمام الكونجرس، فإن التغييرات الأخيرة في تفسير قانون المراقبة الأجنبية الاستخباراتية (FISA) قد وسعت بشكل كبير نطاق الشركات التي يمكن إجبارها على التعاون مع وكالات الاستخبارات. على عكس شركات التكنولوجيا الكبرى مثل فيريزون وجوجل، قد لا تمتلك هذه الشركات القدرة على عزل الرسائل الفردية، مما قد يتطلب منح موظفي وكالة الأمن القومي (NSA) “وصولاً مباشرًا إلى معدات الاتصالات الخاصة بهم وجميع الاتصالات التي تمر عبر هذه المعدات، بما في ذلك الاتصالات المحلية بحتة”.

تأثير ذلك على الشركات وأصحاب العقارات

يعتقد جيمس تشيرنيافسكي، المحلل السياسي في مركز الاختيار الاستهلاكي، أن هذا التوسع “واسع للغاية” وأنه “كتب مجموعة كاملة من الشركات في هذا الجهاز الرقابي التي لم تكن لديها أي نية للدخول فيه”. وأشار إلى أن مجلس صناعة تكنولوجيا المعلومات، وهو جمعية تجارية رئيسية في مجال التكنولوجيا، اتخذت خطوة غير عادية في حث الكونجرس علنًا على تضييق نطاق التعريف.

بالإضافة إلى ذلك، سلطت المناقشات الضوء على ما يُعرف باسم “ثغرة وسيط البيانات” – وهي قدرة الوكالات على شراء معلومات حول الموقع والتصفح والبيانات الحساسة الأخرى للمواطنين الأمريكيين من الشركات الخاصة بدلاً من الحصول عليها بموجب أمر قضائي.

شراء البيانات الشخصية من الوسطاء

أكدت المحامية سيلين جويتين أن هذا الأمر “يحدث باستمرار”، مشيرة إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وإدارة مكافحة المخدرات (DEA)، وخدمة الأسرار (Secret Service)، وأمن الوطن (Homeland Security)، ووزارة الدفاع (Defense Department)، ومصلحة الضرائب (IRS) من بين الوكالات التي اشترت بيانات تحديد مواقع الهواتف المحمولة. وأشارت إلى أن المحكمة العليا قضت بأن معلومات تحديد مواقع خلايا الاتصالات التاريخية محمية بموجب التعديل الرابع للدستور الأمريكي عند طلبها مباشرة، لكن الوكالات تدعي أنها تستطيع شراء نفس البيانات من الوسطاء دون الحاجة إلى أمر قضائي.

أكدت تالمان على أن السرية المحيطة بهذه العقود والمشتريات تجعل من الصعب على الكونجرس أو المحاكم فرض أي قيود. وأضاف: “بدون القدرة على تسليط الضوء على ما يفعلونه ومن يتعاقدون معه، من الصعب جدًا إيقاف استخدامه”، داعيًا إلى مراجعين من أطراف ثالثة وقيود أكثر صرامة على مشتريات البيانات.

الخصوصية والحريات المدنية

يثير هذا التوسع في صلاحيات المراقبة مخاوف جدية بشأن الخصوصية والحريات المدنية للمواطنين الأمريكيين. المراقبة الحكومية، إذا لم يتم تنظيمها بشكل صحيح، يمكن أن تؤدي إلى انتهاكات لحقوق الأفراد وتقويض الثقة في المؤسسات الحكومية. حماية البيانات أصبحت قضية مركزية في هذا النقاش، حيث يطالب الخبراء بوضع ضوابط أكثر صرامة على جمع البيانات واستخدامها.

في المقابل، يرى البعض أن هذه الإجراءات ضرورية للأمن القومي. يزعم تشيرنيافسكي أن مثل هذه الإصلاحات “لن تنهي المراقبة، ولن تمنع العمليات الأمنية الوطنية المشروعة”، مشيرًا إلى أن “البلاد لن تغرق في الظلام”. ومع ذلك، يظل هناك قلق متزايد بشأن التوازن بين الأمن القومي والحقوق الفردية.

أمن المعلومات هو جانب آخر من جوانب هذا النقاش، حيث يثير البعض مخاوف بشأن إمكانية اختراق البيانات المسروقة أو إساءة استخدامها. يجب على الحكومة أن تضمن أن لديها تدابير أمنية قوية لحماية البيانات التي تجمعها.

تعتبر قضية المراقبة الحكومية معقدة وتتطلب دراسة متأنية. يجب على الكونجرس أن يوازن بين الحاجة إلى الأمن القومي والحاجة إلى حماية الخصوصية والحريات المدنية.

من المتوقع أن يستمر الكونجرس في مناقشة هذه القضايا في الأشهر المقبلة، مع احتمال إجراء تعديلات على قانون FISA أو سن تشريعات جديدة لتنظيم جمع البيانات واستخدامها. سيكون من المهم مراقبة هذه التطورات عن كثب، حيث يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حقوق وخصوصية المواطنين الأمريكيين. لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الكونجرس سيتمكن من التوصل إلى حل وسط يرضي جميع الأطراف، ولكن من الواضح أن هذه القضية ستظل في صدارة جدول الأعمال السياسي في المستقبل المنظور.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version