تُواجه صناعة مراكز البيانات تحديات متزايدة في تبريد المكونات الإلكترونية عالية الأداء، مما يدفع الشركات إلى البحث عن حلول مبتكرة مثل تبريد الانغماس ثنائي الطور. وتثير هذه التقنيات الجديدة، التي تعتمد على مواد كيميائية متخصصة، مخاوف بيئية تتعلق بالمواد الكيميائية الدائمة (PFAS) وتأثيرها المحتمل على الصحة والبيئة. وتدرس شركة Chemours حاليًا الحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة لتسويق سوائل التبريد الخاصة بها.
تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه صناعة أشباه الموصلات نموًا سريعًا، مدفوعًا بالطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الأخرى التي تتطلب قوة حوسبة عالية. ومع ذلك، فإن هذه الصناعة تعتمد بشكل كبير على المواد الكيميائية، بما في ذلك PFAS، في عمليات التصنيع، مما يثير تساؤلات حول الاستدامة البيئية.
مواد كيميائية جديدة وعملية الموافقة السريعة
تُعد عملية الموافقة على المواد الكيميائية الجديدة في الولايات المتحدة خاضعة لرقابة صارمة من قبل وكالة حماية البيئة (EPA). ومع ذلك، فقد أعلنت الإدارة الأمريكية عن استثناء جديد لمراكز البيانات، مما يسمح بمراجعة سريعة للمواد الكيميائية المستخدمة في هذه المرافق. يثير هذا الاستثناء قلق بعض الخبراء البيئيين.
تأثير صناعة أشباه الموصلات
وفقًا لتقارير، تستفيد صناعة أشباه الموصلات بشكل كبير من هذه العملية السريعة. تستخدم هذه الصناعة المواد الكيميائية الدائمة في مراحل متعددة من الإنتاج، بما في ذلك عملية الطباعة الحجرية الضوئية، وهي عملية حاسمة في تصنيع الرقائق. وتشير البيانات إلى أن عددًا كبيرًا من طلبات المواد الكيميائية الجديدة تأتي من هذه الصناعة.
يرى البعض أن الإدارة الأمريكية تتبنى نهجًا يركز على تطوير الذكاء الاصطناعي بأي ثمن، دون خطة واضحة للتعامل مع الآثار البيئية والمخاطر الصحية المرتبطة بمراكز البيانات ومصانع الرقائق. ويؤكدون على الحاجة إلى تقييم شامل لتأثير هذه المنشآت الجديدة.
الضغط من قبل الصناعة
تظهر وثائق الضغط أن صناعة أشباه الموصلات قد طلبت بالفعل إجراء تغييرات على برنامج المواد الكيميائية الجديدة التابع لوكالة حماية البيئة. وعقدت نانسي بيك، المسؤولة في وكالة حماية البيئة، اجتماعات مع ممثلين عن SEMI، وهي منظمة عالمية للدفاع عن مصالح الصناعة، لمناقشة اللوائح المتعلقة بـ PFAS والمواد الكيميائية الأخرى المستخدمة في تصنيع أشباه الموصلات.
وقد اقترحت بيك خلال الاجتماع أن تقدم المجموعة رسالة تعليق عام تدعم التغييرات المقترحة على برنامج المواد الكيميائية الجديدة، وهو ما فعلته المجموعة بالفعل في الشهر التالي. وتشير وكالة حماية البيئة إلى أنها تشجع أصحاب المصلحة على تقديم تعليقاتهم على القواعد المقترحة لضمان الحصول على مجموعة متنوعة من وجهات النظر.
المخاوف البيئية المتعلقة بـ PFAS
تعتبر المواد الكيميائية الدائمة (PFAS) مجموعة من المواد الكيميائية الاصطناعية التي تتميز بثباتها العالي في البيئة وقدرتها على التراكم في الكائنات الحية. وقد ارتبطت هذه المواد بمجموعة متنوعة من المشاكل الصحية، بما في ذلك السرطان ومشاكل المناعة وتأثيرات النمو.
يُعرب خبراء البيئة عن قلقهم بشأن إطلاق PFAS من مراكز البيانات ومصانع الرقائق، خاصة وأن هذه المواد يمكن أن تنتشر في المياه الجوفية والتربة والهواء. ويطالبون بتنظيم أكثر صرامة لهذه المواد وتقييم شامل لتأثيرها على الصحة والبيئة. التبريد المتقدم قد يقلل من استهلاك الطاقة.
بالإضافة إلى PFAS، هناك مخاوف بشأن المواد الكيميائية الأخرى المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات، مثل المذيبات والأحماض والمعادن الثقيلة. وتشير التقارير إلى أن هذه المواد يمكن أن تسبب تلوثًا بيئيًا خطيرًا إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح.
بدائل مستدامة
يبحث الباحثون والشركات عن بدائل مستدامة للمواد الكيميائية التقليدية المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات. وتشمل هذه البدائل استخدام مواد أقل سمية وتطوير عمليات تصنيع أكثر كفاءة في استخدام الموارد. كفاءة الطاقة هي هدف رئيسي.
ومع ذلك، فإن تطوير وتنفيذ هذه البدائل يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير. بالإضافة إلى ذلك، يجب التأكد من أن البدائل الجديدة لا تؤثر سلبًا على أداء وجودة الرقائق.
الاستدامة في مراكز البيانات أصبحت ضرورة ملحة.
من المتوقع أن تستمر المناقشات حول تنظيم المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات ومراكز البيانات في الأشهر المقبلة. وستراقب وكالة حماية البيئة عن كثب التطورات في هذا المجال وتقييم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية إضافية. من المهم متابعة قرارات وكالة حماية البيئة بشأن الاستثناء الجديد لمراكز البيانات، وتقييم تأثيره على البيئة والصحة العامة. كما يجب مراقبة التقدم المحرز في تطوير وتنفيذ بدائل مستدامة للمواد الكيميائية التقليدية.

