تزايد خطر الهجمات باستخدام الطائرات بدون طيار (الطائرات المسيّرة) يثير قلقًا متزايدًا على مستوى العالم، خاصةً مع التطورات التكنولوجية التي تجعل هذه الهجمات أكثر سهولة وفعالية. تشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة قد تشهد هجومًا بالطائرات المسيّرة في عام 2026، يستهدف إما أهدافًا مدنية أو عسكرية، مما يستدعي اتخاذ تدابير استباقية لتعزيز الأمن والدفاع. هذا التهديد الجديد يختلف عن الهجمات الإرهابية التقليدية.
في السنوات الأخيرة، شهدنا استخدامًا متزايدًا للطائرات المسيّرة في النزاعات المسلحة حول العالم، بما في ذلك أوكرانيا واليمن وإيران. وقد أظهرت هذه النزاعات قدرة الطائرات المسيّرة على إلحاق أضرار كبيرة بأهداف عسكرية واستراتيجية، مما يجعلها سلاحًا جذابًا للجماعات الإرهابية والأطراف الفاعلة غير الحكومية. وتشير التقارير إلى أن التكلفة المنخفضة وسهولة الحصول على هذه التقنيات تساهم في انتشارها.
تهديد الطائرات المسيّرة: تطور تكتيكي جديد
لم يعد التهديد الإرهابي مقتصرًا على التفجيرات التقليدية أو الهجمات المعقدة التي تتطلب تخطيطًا طويل الأمدًا. تُظهر التطورات الأخيرة تحولًا نحو استخدام تكتيكات جديدة تعتمد على الطائرات المسيّرة، والتي يمكن أن تُستخدم في هجمات مفاجئة وسريعة. هذا التحول يمثل تحديًا كبيرًا لقوات الأمن والدفاع، التي تحتاج إلى تطوير استراتيجيات جديدة لمواجهة هذا التهديد المتنامي.
أمثلة حديثة على استخدام الطائرات المسيّرة في الهجمات
في يونيو 2025، استخدمت القوات الأوكرانية طائرات مسيّرة لتدمير حوالي 10٪ من الطائرات القاذفة الروسية المتمركزة في مطاراتها، وذلك في إطار عملية أطلق عليها اسم “شبكة العنكبوت”. وفي نفس الشهر، شنت إسرائيل هجمات سرية باستخدام طائرات مسيّرة داخل إيران، استهدفت مواقع عسكرية ونووية.
كما هاجمت جماعة الحوثي في اليمن سفينة حاملة للطائرات أمريكية من طراز “نيميتز” باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ كروز في البحر الأحمر في أبريل. أفادت التقارير أن السفينة اضطرت إلى القيام بمناورة حادة لتجنب الضربة، مما أدى إلى سقوط طائرة إف-18 بقيمة 56 مليون دولار في البحر. هذه الحوادث تؤكد على قدرة الطائرات المسيّرة على تهديد الأصول العسكرية الحيوية.
تُظهر هذه الأمثلة أن الطائرات المسيّرة أصبحت سلاحًا فعالًا في أيدي مختلف الأطراف، وأنها قادرة على تجاوز الدفاعات التقليدية.
الاستعدادات الأمريكية والقيود البيروقراطية
أدرج الجيش الأمريكي خطر الطائرات المسيّرة منذ عام 2017، حيث أنشأت “وحدة الابتكار الدفاعي” (Defense Innovation Unit)، وهي مكتب تابع لوزارة الدفاع في وادي السيليكون، أول وحدة للطائرات المسيّرة التجارية بدعم من وزير الدفاع آنذاك جيمس ماتيس. وقد أطلقت هذه الوحدة برنامجًا لتبني الطائرات المسيّرة التجارية على نطاق واسع، يُعرف باسم “بلو يو إيه إس” (Blue UAS).
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الجهود، لا يزال الجيش الأمريكي يعاني من نقص في القدرات الدفاعية ضد هجمات الطائرات المسيّرة المعقدة. تشير التقديرات إلى أنه لا يوجد منشأة عسكرية أمريكية قادرة حاليًا على صد هجوم مماثل للهجوم الذي شنته أوكرانيا على القواعد الجوية الروسية. البنية التحتية المدنية أكثر عرضة للخطر.
في المقابل، تخصص ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2025 حوالي 350 مليون دولار لأنظمة الطائرات المسيّرة غير المأهولة على المستوى التكتيكي. ومن المتوقع أن تسمح هذه الميزانية بتوفير حوالي 4000 نظام طائرات مسيّرة، بمتوسط تكلفة تقارب 100 ألف دولار لكل نظام.
في المقارنة، يمكن لمصانع الطائرات المسيّرة في أوكرانيا إنتاج الآلاف من الطائرات المسيّرة من نوع “عرض الشخص الأول” (FPV) يوميًا، بتكلفة بضع مئات من الدولارات لكل طائرة. وتقوم القوات الأوكرانية بتزويد ساحة المعركة بحوالي 200 ألف طائرة مسيّرة من نوع FPV شهريًا، وتخطط لتوسيع الإنتاج إلى 4.5 مليون طائرة مسيّرة سنويًا بحلول نهاية العام. هذا التفاوت في التكلفة والإنتاج يمثل تحديًا كبيرًا للولايات المتحدة.
تأثيرات محتملة وتحديات مستقبلية
تتجاوز مخاطر الطائرات المسيّرة مجرد الأضرار المادية. يمكن أن تؤدي الهجمات الناجحة إلى تعطيل البنية التحتية الحيوية، وإثارة الذعر والخوف، وتقويض الثقة في قدرة الحكومة على حماية مواطنيها. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام الطائرات المسيّرة في أنشطة استخباراتية وتهريب، مما يزيد من تعقيد التحدي الأمني.
يتطلب التصدي لهذا التهديد تطوير تقنيات جديدة لمكافحة الطائرات المسيّرة، مثل أنظمة التشويش والرادار وأنظمة الأسلحة الليزرية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومات التعاون مع القطاع الخاص لتطوير حلول مبتكرة لمواجهة هذا التهديد المتنامي.
من المتوقع أن تشهد الولايات المتحدة هجومًا بالطائرات المسيّرة في عام 2026، ولكن مدى الضرر والتبعات يعتمد على الاستعدادات التي سيتم اتخاذها في الوقت المناسب. يجب على وزارة الدفاع الأمريكية تسريع جهودها لتطوير ونشر أنظمة دفاعية فعالة ضد الطائرات المسيّرة، مع التركيز على الحلول منخفضة التكلفة والقابلة للتطوير.
ما يجب مراقبته في الأشهر المقبلة هو التقدم المحرز في تطوير ونشر هذه الأنظمة الدفاعية، بالإضافة إلى أي تغييرات في التكتيكات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية والأطراف الفاعلة غير الحكومية. كما يجب متابعة التطورات التكنولوجية في مجال الطائرات المسيّرة، والتي قد تؤدي إلى ظهور تهديدات جديدة.

