:
نشرت وزارة العدل الأمريكية، يوم الجمعة، كمية كبيرة من الوثائق المتعلقة بقضية جيفري إبستين، المدان بارتكاب جرائم جنسية شنيعة. يأتي هذا الإفصاح امتثالاً لقانون شفافية ملفات إبستين، الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي، ويشمل هذه الوثائق تفاصيل حول شبكة علاقات إبستين وشراكته مع غيسلين ماكسويل. ويُعد هذا الإفصاح الأكبر من نوعه حتى الآن، لكنه يثير تساؤلات حول مدى الشفافية الكاملة.
وجرى الإفصاح عن هذه الملفات قبل ثماني ساعات فقط من الموعد النهائي المحدد في القانون. ووفقًا لتقارير إعلامية، فقد وصف الرئيس ترامب إبستين بأنه “شخص لا يموت أبدًا”، الأمر الذي يعكس الاهتمام المستمر بهذه القضية. بدأ هذا الجهد في مراجعة الوثائق منذ بداية فترة ولاية ترامب الثانية، مع إفصاحات متقطعة حتى الآن.
ملفات إبستين: ما الذي تم الكشف عنه؟
أعلنت وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) في مذكرة مشتركة صدرت في يوليو، أنهما اكتشفا “أكثر من 300 جيجابايت من البيانات والأدلة المادية” خلال مراجعة شاملة لسجلات التحقيق. إلا أن الإفصاح الحالي لا يشمل كل هذه البيانات. تسمح اللوائح للوزارة بحجب أو تعديل بعض المعلومات لحماية خصوصية الضحايا ومنع نشر مواد تتعلق باستغلال الأطفال.
شملت الوثائق المنشورة موادًا جمعت كجزء من تحقيقات وزارة العدل في إبستين وشريكته غيسلين ماكسويل، المحكوم عليها بالسجن لمدة 20 عامًا بتهم تتعلق بجرائم إبستين. وتضمنت هذه المواد سجلات للأدلة المادية، ونسخًا ضوئية لسجلات المكالمات الهاتفية، وحتى نسخة كاملة من كتاب “التدليك للمبتدئين”.
القيود على الإفصاح والمسائل القانونية
مع ذلك، أثارت مسألة الحجب والتعديل تساؤلات حول مدى التزام وزارة العدل بالشفافية الكاملة. وبموجب القانون، يجب على الوزارة تقديم تقرير إلى الكونجرس في غضون 15 يومًا، يسرد فيه أنواع السجلات التي تم إصدارها وحجبها، بالإضافة إلى ملخص للتعديلات التي أجريت وأسسها القانونية.
وقد رفعت وزارة العدل الأمريكية طلبات لإلغاء السرية عن مواد من محاكمات خاصة بإبستين وماكسويل، وقد تم الموافقة على هذه الطلبات في وقت سابق من هذا الشهر. هذه الخطوة تهدف إلى ضمان الامتثال للقانون وتلبية المطالب العامة بالحصول على مزيد من المعلومات حول القضية.
تداعيات قانون شفافية ملفات إبستين
يهدف قانون شفافية ملفات إبستين إلى إلقاء الضوء على شبكة العلاقات المعقدة المحيطة بإبستين، بما في ذلك الأفراد والمنظمات التي يُزعم أنها متورطة في أنشطته الإجرامية. ويشمل ذلك أيضًا سجلات الاتصالات الداخلية داخل وزارة العدل بشأن قرارات التحقيق أو توجيه الاتهامات لإبستين، بالإضافة إلى سجلات تتعلق بوفاته داخل زنزانته.
هذا القانون، الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرًا، يمثل ضغطًا متزايدًا على وزارة العدل للكشف عن معلومات كانت تحتفظ بها سابقًا. يتضمن ذلك معلومات حول التحقيقات السابقة في مزاعم إساءة استخدام إبستين، بالإضافة إلى أي معلومات تتعلق بالتدخلات المحتملة التي حالت دون محاسبته بشكل كامل في وقت سابق.
هناك أيضًا جدل مستمر حول ما إذا كانت وزارة العدل قد قدمت جميع الوثائق المطلوبة بموجب القانون. فشل الإفصاح عن جميع الوثائق قد يؤدي إلى معركة قانونية، وربما حتى المساءلة أو الملاحقة القضائية لمسؤولي الوزارة.
التحقيقات المستمرة ودور غيسلين ماكسويل
لا يزال التحقيق في قضية إبستين مستمرًا، مع التركيز بشكل خاص على دور غيسلين ماكسويل في تسهيل إساءاته. وقد أدانت ماكسويل بعدة تهم تتعلق بالاتجار بالجنس، وهي الآن تقضي حكماً بالسجن. تثير الوثائق المنشورة أسئلة حول مدى تعاون ماكسويل مع السلطات، وما إذا كانت هناك أطراف أخرى متورطة في شبكتها.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تركيز متزايد على الأفراد البارزين الذين ارتبطوا بإبستين في الماضي. تتعلق هذه التحقيقات بمساعي إبستين لتوسيع نفوذه ووصلاته في عالم السياسة والأعمال، وكيف تمكن من تجنب المساءلة لسنوات عديدة.
يُعد قانون شفافية ملفات إبستين خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة في هذه القضية المعقدة والشائنة. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من الأسئلة دون إجابة، ومن المتوقع أن تتكشف المزيد من التفاصيل في الأشهر والأسابيع القادمة. سيراقب الكونجرس والجمهور عن كثب تقرير وزارة العدل عن الوثائق التي تم إطلاقها وحجبها، والذي من المقرر تقديمه في غضون 15 يومًا، لتحديد ما إذا كان الإفصاح الحالي يمثل شفافية كاملة، أم مجرد بداية لكشف الحقائق الكاملة.

