على الرغم من الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها الشركات العالمية في الذكاء الاصطناعي، تشير نتائج مسح حديث إلى أن العوائد الفعلية على هذه الاستثمارات لا تزال أقل من المتوقع بالنسبة للعديد من الرؤساء التنفيذيين. يكشف الاستطلاع عن فجوة بين الإنفاق المتزايد والطموحات الكبيرة من جهة، والنتائج المالية الملموسة من جهة أخرى، مما يثير تساؤلات حول فعالية هذه الاستثمارات في الوقت الحالي.

أظهر المسح، الذي أجرته شركة Teneo وشمل أكثر من 350 رئيسًا تنفيذيًا لشركات مدرجة عالميًا، أن أقل من نصف مشاريع الذكاء الاصطناعي قيد التنفيذ حاليًا قد حققت عوائد تفوق تكلفتها. ويأتي هذا في وقت يشهد فيه قطاع التكنولوجيا تدفقًا استثماريًا هائلاً، مدفوعًا بالحماس المتزايد حول إمكانات الذكاء الاصطناعي في تحويل مختلف الصناعات.

عوائد محدودة على استثمارات الذكاء الاصطناعي

على الرغم من التفاؤل السائد، أقر المشاركون في الاستطلاع بأن النتائج الملموسة لم تظهر بعد بالكامل. تشير البيانات إلى أن الشركات حققت نجاحًا أكبر عند تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل التسويق وخدمة العملاء، حيث يمكن قياس الأثر بشكل مباشر وتقديم قيمة واضحة.

ومع ذلك، واجهت المؤسسات تحديات أكبر في مجالات أكثر تعقيدًا وحساسية، مثل الأمن السيبراني والشؤون القانونية وإدارة الموارد البشرية. تتطلب هذه المجالات مستويات عالية من الدقة والامتثال والحوكمة، مما يجعل تطبيق الذكاء الاصطناعي أكثر صعوبة.

نظرة المستثمرين

أظهر استطلاع منفصل شمل 400 مستثمر مؤسسي نظرة أكثر تفاؤلاً بشأن العوائد المتوقعة. توقع 53% منهم أن تبدأ مبادرات الذكاء الاصطناعي في تحقيق عائد ملموس على الاستثمار خلال ستة أشهر. لكن هذه النظرة لا تزال غير متوافقة مع توقعات الإدارات التنفيذية، خاصة في الشركات الكبرى.

فقد أشار 84% من الرؤساء التنفيذيين للشركات التي تتجاوز إيراداتها 10 مليارات دولار إلى أن تحقيق عوائد مجدية من الذكاء الاصطناعي سيستغرق أكثر من ستة أشهر، مما يعكس نهجًا أكثر حذرًا في تقييم الجدوى الزمنية لهذه الاستثمارات الضخمة. هذا الاختلاف في التوقعات يسلط الضوء على التحديات المرتبطة بتحقيق قيمة حقيقية من تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل

على عكس المخاوف السائدة، تشير نتائج المسح إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يخلق فرص عمل جديدة بدلاً من أن يؤدي إلى فقدانها. أفاد 67% من الرؤساء التنفيذيين بأنهم يتوقعون زيادة في عدد وظائف المستوى المبتدئ داخل شركاتهم نتيجة للاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي.

بالإضافة إلى ذلك، يرى 58% منهم أن هذه التقنيات ستساهم في زيادة عدد المناصب القيادية العليا، مما يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يعيد تشكيل هيكل الوظائف بدلاً من استبدالها بالكامل. هذا التحول المحتمل في سوق العمل يمثل فرصة للشركات والموظفين على حد سواء.

توقعات الاقتصاد العالمي

لم يقتصر المسح على تقييم استثمارات الذكاء الاصطناعي، بل تطرق أيضًا إلى توقعات الرؤساء التنفيذيين بشأن الاقتصاد العالمي. قال 31% منهم إنهم يتوقعون تحسنًا في الاقتصاد العالمي خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2026، مقارنة بـ51% كانت لديهم النظرة ذاتها قبل عام. يعزى هذا التراجع في التفاؤل جزئيًا إلى القلق المتزايد بشأن التجارة العالمية وعدم اليقين الجيوسياسي.

في المقابل، أظهرت الشركات الأصغر حجمًا تفاؤلاً أكبر، حيث توقع 80% من رؤسائها التنفيذيين تحسنًا في العام الجديد. كما أشار 78% من الرؤساء التنفيذيين إلى توقعاتهم بزيادة نشاط الاندماجات والاستحواذات خلال عام 2026، بعد أن شهد عام 2025 ارتفاعًا ملحوظًا في هذا النشاط.

بشكل عام، تشير نتائج المسح إلى أن الشركات تواصل الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، ولكنها تتبنى نهجًا أكثر حذرًا وواقعية بشأن العوائد المتوقعة. من المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في المستقبل القريب، حيث تسعى الشركات إلى إيجاد طرق لتحقيق قيمة حقيقية من هذه التقنيات التحويلية. ستكون المراقبة الدقيقة لتطورات الذكاء الاصطناعي وتأثيره على مختلف الصناعات أمرًا بالغ الأهمية في الأشهر والسنوات القادمة، مع التركيز على قياس العائد الفعلي على الاستثمار وتقييم المخاطر المحتملة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version