أعلنت شركة التعدين العربية السعودية (معادن) عن اتفاقية شراكة استراتيجية مع كل من شركة “إم بي ماتيريلز” (MP Materials) وشركة “ماونتن المتحدة” المدعومة من وزارة الدفاع الأمريكية، بهدف إنشاء وتشغيل مجمع متخصص في معالجة وفصل المعادن الأرضية النادرة داخل المملكة. يأتي هذا الإعلان في إطار سعي السعودية لتنويع اقتصادها وتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في سلسلة إمداد المعادن الحيوية العالمية، بما في ذلك المعادن الأرضية النادرة.
وقد تم توقيع هذه الاتفاقية في أعقاب إعلان سابق عن إطار عمل تعاوني بين السعودية والولايات المتحدة يركز على تأمين سلاسل الإمداد للمواد الاستراتيجية مثل اليورانيوم والمعادن، والمغناطيسات الدائمة. وقد جرى التوقيع على الإطار الاستراتيجي خلال قمة سعودية أمريكية مؤخراً في واشنطن، مما يؤكد على الأهمية المشتركة لهذا التعاون.
تعزيز سلسلة الإمداد من خلال معالجة المعادن الأرضية النادرة
تعتبر هذه الشراكة خطوة مهمة في تطوير قطاع المعادن في السعودية، والذي يمثل جزءاً أساسياً من “رؤية المملكة 2030”. وتهدف إلى إنشاء قدرات محلية متقدمة في معالجة وفصل المعادن الأرضية النادرة، بدلاً من الاعتماد على الاستيراد من الخارج.
وستقوم المنشأة الجديدة، وفقاً لبيان معادن، بمعالجة المواد الخام المستخرجة من المملكة بالإضافة إلى مصادر عالمية أخرى. وستركز عملياتها على تحويل هذه المواد إلى مركبات عالية القيمة مثل أكاسيد المعادن الأرضية النادرة الثقيلة والخفيفة، والتي تدخل في العديد من الصناعات المتقدمة.
تفاصيل الشراكة والهيكل الملكي
بموجب الاتفاقية، ستتولى شركة معادن قيادة عمليات التشغيل في المجمع الجديد، مع الاستفادة من الخبرات التقنية المتخصصة التي تقدمها شركة “إم بي ماتيريلز”. وستمتلك كل من “إم بي ماتيريلز” و”ماونتن المتحدة” حصة ملكية جماعية لا تتجاوز 49% من المشروع، بينما ستحتفظ معادن بحصة أغلبية لا تقل عن 51%، وفقاً للبيان.
صرح الرئيس التنفيذي لشركة معادن، بوب ويلت، أن المشروع يمثل تطوراً كبيراً في تطوير هذا القطاع الحيوي، مدعوماً من قبل وزارتي الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في المملكة. وأضاف قائلاً أن معادن تلتزم بتعزيز هذا القطاع الاستراتيجي كركيزة أساسية للاقتصاد السعودي.
من جانبه، أعرب جيمس ليتينسكي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “إم بي ماتيريلز”، عن فخره باختيار شركته لقيادة هذا المشروع الهام الذي يدعم الأمن القومي للولايات المتحدة وحلفائها. وأشار إلى أن الجمع بين الخبرات الفنية والرؤية الاستراتيجية لوزارة الدفاع الأمريكية والإمكانات التشغيلية لمعادن سيساهم في تعزيز وتنويع سلسلة إمداد المعادن الاستراتيجية.
تأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه العالم اهتماماً متزايداً بتأمين سلاسل الإمداد للمواد الخام الحيوية، خاصةً مع تزايد الطلب على التقنيات الخضراء مثل السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح، والتي تعتمد بشكل كبير على المعادن الأرضية النادرة.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل “إم بي ماتيريلز” حالياً على تطوير عمليات تكرير وتنقية المعادن الأرضية النادرة في كاليفورنيا، وتدرس أيضاً فرص التعاون مع السعودية في مجال تصنيع المغناطيسات الدائمة، وهي مكونات حيوية في العديد من التطبيقات الصناعية والعسكرية. وتستكشف الشركات أيضا فرص استثمارية أخرى في مجال المعادن الحيوية.
تُعد هذه الشراكة جزءاً من جهود أوسع لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة، والتي بدأت في الثلاثينيات من القرن الماضي مع اكتشاف النفط وتطورت لتشمل مجالات متنوعة مثل الدفاع والتكنولوجيا والطاقة.
من المتوقع أن تبدأ عمليات الإنشاء للمجمع الجديد في وقت لاحق من هذا العام، على أن يتم الانتهاء منها خلال السنوات القادمة. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات المحتملة، بما في ذلك الحصول على الموافقات التنظيمية اللازمة وضمان استدامة إمدادات المواد الخام. وستراقب السوق تطورات المشروع عن كثب، وكذلك أي مبادرات مستقبلية لتطوير قطاع المعادن في السعودية.

