في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها قطاع غزة، أعلنت الأمم المتحدة أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يمنع دخول الغذاء والمساعدات الإنسانية للملايين من المدنيين الفلسطينيين، وذلك على الرغم من تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عن “رفع الحصار” لأسباب إنسانية. 

وتأتي هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه الانتقادات من الداخل الإسرائيلي، وتتوالى التحذيرات الدولية من وقوع مجاعة تهدد حياة أكثر من مليوني إنسان.

تضارب حول دخول المساعدات الإنسانية

قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تشهد الساحة الدولية حاليا حالة من الزخم المتصاعد، سواء على صعيد الرفض الأمريكي المتزايد أو التحفظات الأوروبية المتنامية تجاه الحرب الجارية على قطاع غزة، وأكد أن هذا التحرك الدولي يمثل رسالة واضحة ومباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية، مفادها ضرورة التراجع الفوري عن مخططها الإجرامي في القطاع، ووقف العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين وتدمر البنية التحتية.

وأضاف طارق فهمى، خلال تصريحات لـ “صدى البلد”،  أن ورغم دخول مساعدات إنسانية محدودة إلى غزة خلال الساعات الأخيرة، إلا أن حجم هذه المساعدات لا يلبي بأي حال من الأحوال الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع المحاصر، ويثير القلق الشديد بشأن النوايا الحقيقية من وراء استمرار العملية العسكرية، التي يبدو أن هدفها المعلن أو غير المعلن هو تقطيع أوصال القطاع وتقسيمه جغرافيا وسكانيا.

وأشار فهمي، إلى أن تكتسب حالة الزخم هذه على المستوى الأوروبي والأمريكي، بالإضافة إلى المواقف المتقدمة التي تصدر عن العديد من عواصم العالم، أهمية بالغة، كونها تشكل خطوة أولى وأساسية على طريق نزع الشرعية الدولية عن السياسات الإسرائيلية، وفضح ممارساتها أمام المحافل والمنظمات الأممية، مما قد يمهّد لتغيير حقيقي في المواقف الدولية تجاه الاحتلال وممارساته في الأراضي الفلسطينية.

وخلال مؤتمر صحفي في جنيف، أوضح ينس ليركه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، أن السلطات الإسرائيلية سمحت فقط بدخول خمس شاحنات إلى غزة، دون السماح بتوزيع محتوياتها.

وأضاف أن هناك موافقة مبدئية على دخول نحو 100 شاحنة إضافية، لكنها لم تحصل على التصاريح اللازمة بعد.

وأشار ليركه إلى أن هذه الكمية لا تمثل سوى خمس ما كان يسمح بدخوله إلى القطاع يوميا قبل الحرب، ما يجعلها غير كافية إطلاقا لمواجهة الأزمة الغذائية المتفاقمة بعد أكثر من 11 أسبوعا من الحصار شبه الكامل.

وفي المقابل، زعمت جهات إسرائيلية مسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات أن 93 شاحنة دخلت القطاع الثلاثاء، إلا أنها لم توضح ما إذا كانت محتوياتها، خاصة المواد الغذائية والأدوية، قد وزعت بالفعل على السكان، وفق ما أوردته صحيفة الغارديان البريطانية.

“قتل الأطفال كهواية”

وتصاعدت الانتقادات الداخلية داخل إسرائيل مع تفاقم الأوضاع في غزة، فقد أدان يائير غولان، زعيم حزب الديمقراطيين اليساري ونائب رئيس أركان جيش الاحتلال سابقا، ممارسات الجيش والحكومة، واصفا إسرائيل بأنها “دولة منبوذة تقتل الأطفال كهواية”، وأضاف في حديثه لإذاعة ريشت بيت: “الدولة العاقلة لا تحارب المدنيين ولا تطرد السكان”.

ورد نتنياهو على هذه التصريحات واصفًا إياها بـ”الافتراءات الدموية المعادية للسامية”، إلا أن الانتقادات استمرت بالتزايد من داخل المعارضة.

 الاحتجاجات المناهضة للحرب داخل إسرائيل

وفي السياق ذاته، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية عددا من النشطاء المناهضين للحرب خلال محاولتهم تنظيم وقفة احتجاجية قرب حدود غزة، وهم يحملون صور أطفال فلسطينيين قضوا جراء القصف الجوي، وقد تم احتجازهم طوال الليل قبل الإفراج عنهم ووضعهم تحت الإقامة الجبرية.

ومن بين المعتقلين كان ألون لي غرين، المدير المشارك لحركة “الوقوف معا” الإسرائيلية الفلسطينية، التي أصدرت بيانا أدانت فيه الاعتقال، مؤكدة أن “المتظاهرين السلميين يعتقلون بينما يسمح للمستوطنين اليمينيين بشن هجمات دون محاسبة”.

أعداد الضحايا تتزايد  

وأفادت وزارة الصحة في غزة باستشهاد ما لا يقل عن 85 شخصا الثلاثاء، نتيجة غارات استهدفت منزلا لعائلة ومدرسة تستخدم كملجأ في شمال القطاع، وأسفرت عن مقتل 22 شخصا على الأقل، أكثر من نصفهم من النساء والأطفال.

كما أمرت سلطات الاحتلال بإخلاء مناطق وسط خان يونس، معلنة إياها “منطقة قتال”، مما أجبر آلاف السكان على النزوح مجددًا في ظروف مأساوية.

ووفقا لأحدث تقارير الأمم المتحدة، تجاوز عدد ضحايا الهجمات الإسرائيلية 53.000 شخص، نصفهم تقريبا من المدنيين، بينهم أكثر من 28.000 امرأة وطفل،  وتستمر معاناة السكان وسط حصار خانق، وتصعيد عسكري لا يترك أي مكان آمن في القطاع المحاصر.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version