في خطوة تحمل مزيجًا من الترقب والجدل؛ تستعد الساحة السياسية العالمية لاستقبال قمة ألاسكا المرتقبة، بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وسط تكهنات بأن اللقاء قد يفتح الباب أمام تغييرات كبيرة في مسار الحرب الأوكرانية، وربما يعيد رسم ملامح العلاقات بين واشنطن وموسكو.

فرص اقتصادية على الطاولة

وكشفت صحيفة الـ”تليجراف” البريطانية، أن ترامب يدخل هذا الاجتماع وهو يحمل جعبة من “فرص الربح” التي قد تهم الكرملين، من بينها منح موسكو إمكانية الوصول إلى الموارد الطبيعية الغنية في ألاسكا، وخاصة المعادن النادرة؛ مقابل تشجيع بوتين على إنهاء الحرب في أوكرانيا.

كما تشمل المقترحات، السماح لروسيا بالوصول إلى معادن أوكرانيا النادرة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، إضافة إلى تخفيف بعض العقوبات الأمريكية على قطاع الطيران الروسي، وهو ما قد يمثل متنفسًا اقتصادياً لموسكو في ظل القيود الغربية.

استعدادات أمريكية خلف الكواليس

وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، يعد أحد أبرز المسؤولين المشاركين في بلورة المقترحات قبل قمة ألاسكا، حيث يدرس حزمة من التنازلات الاقتصادية الممكنة؛ لتسريع الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

وفي مؤتمر صحفي أمس، صعّد ترامب من لهجته، محذرًا بوتين من “عواقب وخيمة” إذا لم يتجاوب مع مساعي إنهاء الحرب، معربًا عن رغبته في عقد اجتماع ثانٍ مباشر يجمعه مع بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إذا حقق اللقاء الأول نتائج إيجابية.

تواصل دولي مكثف قبل القمة

ترامب عقد مؤخرًا قمة افتراضية مع زيلينسكي وقادة أوروبيين، بينهم رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزعيم المعارضة الألمانية فرايدريش ميرز، في إطار سلسلة اتصالات دبلوماسية سبقت لقاء ألاسكا.

وخلال هذه المداولات، أكد زيلينسكي أن ترامب يدعم فكرة منح أوكرانيا ضمانات أمنية قوية، وهو مطلب ظلت واشنطن تتجنب طرحه بشكل مباشر خلال الأشهر الماضية، على الرغم من كونه أولوية قصوى لكييف.
 

أوروبا تتحرك بحذر

بينما تسعى أوكرانيا لضمانات أمريكية واضحة، تعمل دول أوروبية كالمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا على تشكيل قوة حفظ سلام من دون مشاركة عسكرية أمريكية مباشرة، لكنها تأمل في أن تقدم واشنطن دعمًا حاسمًا، خصوصًا في مجالات مثل الغطاء الجوي.
 

بوتين: جهود أمريكية “صادقة” لوقف الحرب

من جهته، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماع في الكرملين للتحضير للقمة، بما وصفه بـ”الجهود النشطة والصادقة” التي تبذلها الولايات المتحدة لإنهاء الأعمال القتالية في أوكرانيا.

بوتين أوضح أن المفاوضات لا تقتصر على الأزمة الأوكرانية فقط، بل تمتد لتشمل إمكانية التوصل إلى اتفاقيات بشأن السيطرة على الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، وهو ما قد يشكل أساسًا لسلام طويل الأمد ليس فقط بين روسيا وأمريكا، بل في أوروبا والعالم بأسره.
 

سلام طويل الأمد أم هدنة مؤقتة؟

تصريحات بوتين وترامب، إلى جانب التحركات المكثفة على مختلف المستويات، توحي بأن قمة ألاسكا قد تكون فرصة ذهبية لوضع أسس اتفاق شامل يضمن الاستقرار في أوكرانيا، ويعيد رسم التوازنات الجيوسياسية.

لكن المراقبين يحذرون من أن الخلافات العميقة بين موسكو وواشنطن، إلى جانب تعقيدات الميدان الأوكراني، قد تجعل من الصعب الوصول إلى حل دائم، ما لم تتوفر إرادة سياسية صلبة من جميع الأطراف.

قمة ألاسكا المقبلة ليست مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل محطة مفصلية قد تحدد شكل العلاقات الدولية في السنوات القادمة، فإذا نجح ترامب وبوتين في إيجاد أرضية مشتركة؛ قد نشهد بداية مرحلة جديدة من التعاون الحذر بين القوتين، أما إذا فشل اللقاء، فقد تدخل الحرب الأوكرانية فصلًا أكثر تعقيدًا، تتسع فيه رقعة المواجهة وتتعقد فرص الحل.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version