في أمسيةٍ صلاة مريمية، بساحة القديس بطرس، بالفاتيكان، قاد قداسة البابا لاوُن الرابع عشر المؤمنين في تلاوة المسبحة الوردية، من أجل السلام في العالم.
وألقى الأب الأقدس تأملًا روحيًا للحاضرين حول معنى السلام والإيمان في ضوء مثال العذراء مريم. قال قداسته: السلام هو مسيرة، والله يسير معكم!، داعيًا المؤمنين إلى الثبات في بناء مستقبلٍ يقوم على العدالة والمغفرة، والى أن يكونوا أدواتٍ لسلام الله في العالم.
نموذج الرجاء والإيمان
أوضح عظيم الأحبار أن مريم، أم يسوع، هي نموذج الرجاء والإيمان، إذ كانت قلبًا منصتًا ومأوىً للكلمة الإلهية، ومثالًا للرحمة تجاه المتألمين، داعيًا الجميع إلى التأمل في شجاعتها تحت الصليب، حيث تعلّمنا أن نقف إلى جانب من يتألمون اليوم، فنحمل إليهم العزاء والمشاركة.
وأشار قداسة البابا إلى أنّ كلمات مريم الأخيرة في الإنجيل — “مهما قال لكم فافعلوه” — تختصر طريق الإيمان كله، فهي لا تشير إلى ذاتها بل إلى المسيح، الكلمة الحيّة التي تحوّل فراغ الحياة إلى ملئها، داعيّا إلى جعل الإنجيل عملًا حيًا، “تعبًا وابتسامة”، حتى تصبح حياتنا شهادة ملموسة لكلمة الله.
كذلك، تأمل الحبر الأعظم في كلمة يسوع لبطرس: “أغمد سيفك”، معتبرًا أن السلام لا يقوم على السلاح أو الردع، بل على الأخوّة والحوار، وأن أول سلاح يجب نزعُه هو سلاح القلب. فالسلام يبدأ من داخل الإنسان قبل أن يتحقق بين الشعوب.
وشدّد قداسته على ضرورة النظر إلى العالم بعيون الصغار والمتألمين، لا بعيون الأقوياء، كما فعلت مريم في نشيدها، عندما وقفت إلى جانب الفقراء والمهمّشين، حاملةً حلمًا بسماواتٍ جديدة وأرضٍ جديدة.
واختتم قداسة البابا لاون الرابع عشر تأمّله بالقول: طوبى لصانعي السلام، تشجّعوا وسيروا إلى الأمام! كونوا وديعين وثابتين، ولا تدعوا أذرعكم تسقط. فالربّ يخلق وينشر السلام عبر أصدقائه الذين يسكن السلام في قلوبهم.
وفي ختام الصلاة، توجّه الأب الأقدس إلى مريم، ملكة السلام، قائلًا: يا مريم القدّيسة، علّمينا أن نصغي إلى صرخة الفقراء، وأن نحيا المحبّة بصدق، فنقف معك عند أقدام صلبان العالم، حيث يُصلب ابنك من جديد، ونشهد معك للمسيح، النور الحقّ للإنسان.
