أطلقت منظمة الصحة العالمية تحذيرًا شديد اللهجة اليوم الأربعاء من تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، مشيرة إلى اقتراب القطاع المحاصر من كارثة مجاعة مميتة تهدد حياة الملايين، في ظل استمرار العمليات العسكرية والحصار المشدد.

وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، المدير العام للمنظمة، في مؤتمر صحفي عقده في جنيف، إن سكان غزة، الذين يقدّر عددهم بـ2.1 مليون نسمة، “يواجهون قاتلاً آخر يُضاف إلى القنابل والرصاص.. إنه الجوع”، مؤكدًا أن معاناة المدنيين لم تعد تقتصر على الهجمات العسكرية فحسب، بل تمتد إلى الموت البطيء بسبب نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية.

وأضاف: “نشهد يوميًا ارتفاعًا متزايدًا في الوفيات الناجمة عن سوء التغذية الحاد، خصوصًا بين الأطفال”، مشيرًا إلى أن مراكز علاج حالات سوء التغذية في القطاع باتت ممتلئة منذ 17 يوليو، ولا تمتلك الإمدادات الكافية لتقديم الرعاية اللازمة. وقد وثّقت المنظمة وفاة 21 طفلًا دون سن الخامسة منذ بداية العام، نتيجة مضاعفات ناتجة عن سوء التغذية الحاد.

الجوع ينتشر كالنار في الهشيم

وفي تطور خطير، أكد برنامج الأغذية العالمي أن شخصًا من كل ثلاثة في غزة لا يتناول الطعام لأيام متتالية، في مؤشر صارخ على تفشي انعدام الأمن الغذائي إلى مستويات غير مسبوقة. كما أن المساعدات الإنسانية، القليلة أصلًا، تواجه عقبات مستمرة في الدخول إلى القطاع، بسبب القيود المفروضة من سلطات الاحتلال، ما أدى إلى شلل شبه كامل في سلاسل التوريد.

نداء عاجل من المجتمع المدني

وفي خطوة غير مسبوقة، أصدرت أكثر من 100 منظمة إغاثية وحقوقية دولية، اليوم، بيانًا مشتركًا دعت فيه إلى الرفع الفوري لجميع القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، محذرة من أن استمرار الوضع على ما هو عليه “يشكل انتهاكًا فاضحًا للقانون الإنساني الدولي”.

وشددت المنظمات على ضرورة ضمان الوصول الإنساني غير المشروط والفوري إلى جميع المناطق المتضررة في القطاع، بما في ذلك المناطق الشمالية التي تعاني من عزلة شبه كاملة، حيث تشير التقارير الميدانية إلى انتشار أمراض مرتبطة بسوء التغذية مثل ضمور العضلات ونقص المناعة بين الأطفال والرضّع.

دعوات لتحرك دولي عاجل

ودعت منظمة الصحة العالمية المجتمع الدولي، بما في ذلك مجلس الأمن، إلى التحرك العاجل والفوري لتفادي وقوع مجاعة كارثية في غزة، وضرورة الضغط على جميع الأطراف لتمكين قوافل الإغاثة من الوصول إلى المحتاجين دون عوائق، وتجنيب المدنيين تبعات الصراع السياسي والعسكري.

وتأتي هذه التصريحات والتحذيرات في وقت يتزايد فيه القلق من تدهور شامل في الوضع الإنساني داخل القطاع، وسط تقاعس دولي واضح، واستمرار معاناة سكان غزة الذين باتوا يعيشون في ظروف أقل ما توصف به أنها غير إنسانية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version