ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور حسن الصغير، رئيس أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والدعاة، ودار موضوعها حول: “الهداية إلى سبل السلام بمولد خير الأنام”.
وأوضح الدكتور حسن الصغير أن الاحتفاء بذكرى ميلاد النبي ﷺ هو احتفاء بالنور الذي أشرق على البشرية، فبدد ظلمات الجهل والضلال التي كانت سائدة قبل مولده ﷺ لأنه ﷺ هو النور الساطع الذي به يهتدي الخلق من يوم ميلاده صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة.
خطيب الجامع الأزهر: حقيقة الاحتفال بمولد النبي تكمن في كونه دعوة للناس ليتبعوا طريق الهداية والنور
وأشار خطيب الجامع الأزهر، إلى أن حقيقة الاحتفال بمولد النبي ﷺ تكمن في كونه دعوة للناس ليتبعوا طريق الهداية والنور ويبتعدوا عن الظلام والضياع، ساعين إلى تجديد العهد مع المبادئ الإسلامية، فالأمة لن تجد الخلاص والنصر إلا بالتمسك بنور رسالته ﷺ لأن النبي ﷺ وسلم ليس مجرد شخصية تاريخية، بل هو ﷺ مصدر للهداية والنجاة قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ﴾.
وقال خطيب الجامع الأزهر، إن سورة النور تؤكد على قدسية مقام الرسول ﷺ وتؤكد على أن الاقتداء به ﷺ هو أساس أي مشروع إصلاحي ترتقي به الأمة، يقول تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ۚ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾، موضحًا أن الآية الكريمة تتضمن أمرين: الأول هو طاعة الله سبحانه وتعالى، والثاني هو بيان مسؤولية الرسول ﷺ في تبليغ الرسالة، ومسؤولية الناس في الطاعة والالتزام، فمن أطاع الرسول ﷺ فقد سلك طريق الهداية، ومن أعرض فلا هداية له، لأن مهمة الرسول ﷺ هي البلاغ الواضح، وليس عليه ﷺ حسابهم، وإنما على الله سبحانه وتعالى.
وبين رئيس أكاديمية الأزهر، أن هناك فئة في كل عام يتركون القضايا الأساسية، كقضايا التنمية والتقدم والتعليم، وينصرفون إلى جدالات فارغة يصف فيها بعضهم بعضاً بالبدعة أو الخروج عن الدين، وهذا يضعف الأمة التي هي في أمس الحاجة إلى التمسك بكتاب الله وسنة نبيه محمد ﷺ، ولهذا، يذكرنا القرآن بالحقيقة ويوجهنا إليها، كما في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾، لذا فإن الاحتفال الحقيقي بميلاد النبي ﷺ ليس مجرد كلمات أو مشاعر، بل هو ترجمة حقيقية لقيمه وأخلاقه ﷺ، هذه القيم والأخلاق التي تدعونا إلى تجاوز الخلاف من أجل مواجهة التحديات التي تمر بها الأمة، لأن التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه ﷺ، هو الخيار الوحيد الذي يضمن للأمة تقدمها ونصرها، وهذا هو المعنى الحقيقي للاحتفال بمولده، وإسرائه، ومعراجه ﷺ.
وأضاف رئيس أكاديمية الأزهر، أن الأمة الإسلامية كما شهدت عصورًا من التقدم والازدهار عبر تاريخها، لكنها واجهت أيضًا فترات من الضعف، بسبب تحديات من داخلها أو خارجها، ومع ذلك يظل اليقين راسخًا بأن الله سبحانه وتعالى لن يخذل نبيه ﷺ في أمته، لكن هذا اليقين يتطلب عملا بما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه ﷺ، لأن فيهما المنهج الذي وضعه الله سبحانه وتعالى لصلاح هذه الأمة، والعودة إليهما هو السبيل لإعادة أمجاد الأمة واستعادة مكانتها.
وفي ختام الخطبة، شدد رئيس أكاديمية الأزهر، على أن نهضة الأمة الإسلامية تتطلب العودة إلى القرآن الكريم وتطبيق مبادئه وقيمه السامية، لأن أي مشروع إصلاح للأمة الإسلامية لا يقوم على هذا الأساس لن يحقق التغيير المنشود، داعيا إلى ضرورة الإصلاح الاجتماعي والتعاون على البر والتقوى ومساعدة الفقراء، وتشجيع العمل والإنتاج باعتبارها ركائز أساسية لصلاح الفرد والمجتمع، وعلى الأمة أن تستيقظ من سباتها وأن تتحد وتجتمع على كلمة سواء حتى يفرج الله الغمة عن الأمة، فإن مع العسر يسرا ومع الضيق فرجا.