أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن التأسي بسنة النبي المصطفى ﷺ يمثل منهجًا حياتيًّا وانعكاسًا لالتزام المسلمين بسنة نبيهم ﷺ وأوامر هذا الدين الحنيف، مشيرًا إلى أن مولد نبي الإسلام ﷺ لم يكن حدثًا عاديًّا، بل كان نقطة تحول أسست لأمة وحضارة لم يشهد التاريخ مثلها، وقد جاء النبي خاتمًا للأنبياء والمرسلين، وجاء بخاتمة الرسالات التي بدأت مع سيدنا آدم واستمرت حتى أتمها سيدنا محمد ﷺ، داعيًا فضيلته إلى أن يستلهم المسلمون هذه المعاني في بناء حياة عظيمة تليق بمكانة هذا الدين وما فيه من خير للبشرية جمعاء.
وأضاف خلال أمسية دينية عقدها الجامع الأزهر بعنوان «بشارة الميلاد وطهارة النسب الشريف» ضمن احتفالاته بذكرى المولد النبوي، أن النبي ﷺ شبه نفسه في حديث شريف باللبنة المكملة لدار الأنبياء، موضحًا أن هذه الدار ترمز إلى دين الإسلام الذي بدأ مع سيدنا آدم واستمر مع إبراهيم ونوح وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء، صلوات الله عليهم، حتى أكمله النبي محمد ﷺ. مشيرًا فضيلته إلى أن النبي ﷺ قال: «إنما مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى دارًا فأتمها وأكملها إلا موضع لبنة، فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين»، مما يعكس دوره في إتمام النعمة وإكمال الدين.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر أن هذا الحديث يحمل درسًا عميقًا يدعو كل إنسان إلى أن يكون «اللبنة» في مجاله، سواء كان مدرسًا أو صانعًا أو زارعًا أو غير ذلك، بحيث يسعى لإكمال النقص وتحقيق رسالته في الحياة. مؤكدًا فضيلته أن التأسي بالنبي ﷺ يعني السعي الدؤوب لتحمل المسؤولية دون كلل أو ملل، فالمؤمن لا يعرف الراحة في هذه الدنيا، بل ينتقل من مهمة إلى أخرى، مستشهدًا فضيلته ببعض تفسيرات المفسرين لقوله تعالى: «فإذا فرغت فانصب»، موضحًا أن الإسلام يرفض البطالة والفراغ، وأن مولد النبي كان بداية لحضارة وتقدم، حيث أسس لأمة تحمل رسالة العمل والإنجاز.
وأشار إلى أن القرآن الكريم وصف رسالة النبي ﷺ بإخراج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، موضحًا أن الكفر يشبه الظلام الدامس الذي يحيط بالإنسان طوال حياته، في حين أن الإيمان هو النور الذي أضاء به النبي طريق البشرية.
ونوه بأن هذه الصورة القرآنية تعكس عظمة رسالة النبي ﷺ في هداية الناس وإخراجهم من الضلال إلى الهدى، وهو ما يدعو إلى التأمل في أهمية التمسك بتعاليم هذا الدين الحنيف واتباع سنة نبيه الكريم.
وفي سياق حديثه عن طهارة النسب الشريف، لفت رئيس جامعة الأزهر إلى أن النبي ﷺ بعث من أماجد وخيار الناس، مستدلًا بنسبه إلى قصي بن كلاب، الذي كان عظيمًا في قومه. كما ربط بين الحروف المقطعة في القرآن، مثل «نون والقلم وما يسطرون»، وبين كمال عقل النبي وعظيم خلقه، موضحًا أن هذه الأسرار لا يعلمها إلا الله، وأن قدر النبي الحقيقي محفوظ عند ربه. وأضاف أن النبي وُصف بأنه «رؤوف رحيم» بالمؤمنين، وهما اسمان من أسماء الله الحسنى لم ينسب منهما شيء لنبي سواه، كما أن الله أقسم بعمر النبي في قوله تعالى: «لَعمرك»، وهو تشريف لم يحظَ به غيره.
ونبه رئيس جامعة الأزهر، على أن هذه الأمسية الدينية تعكس التزام الأزهر بنشر الوعي الديني وسماحة هذا الدين الحنيف وسنة نبينا محمد ﷺ، وذلك ضمن سلسلة فعاليات الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف التي تهدف إلى تعزيز القيم الإسلامية ونشرها في المجتمع وتعميق الارتباط بالسيرة النبوية المشرفة.