في إطار المساعي المصرية المتواصلة لتعزيز علاقاتها الدولية والانفتاح على القوى الآسيوية الصاعدة، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بقصر الاتحادية، لوونج كوونج، رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية، في زيارة رسمية تعكس قوة العلاقات الثنائية بين البلدين، وحرص القيادة السياسية في الجانبين على دفع التعاون إلى آفاق أرحب.

وتأتي زيارة الرئيس الفيتنامي إلى القاهرة، التي تُعد الأولى من نوعها منذ سبع سنوات على مستوى رئاسة الدولة، لتؤكد على متانة الروابط بين الشعبين المصري والفيتنامي، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد.

 

زيارة لجامعة الدول العربية: دلالات ورسائل سياسية

في لفتة تعكس حرص فيتنام على تعزيز العلاقات مع العالم العربي، زار الرئيس الفيتنامي لونج كوونج، أمس الاثنين، مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، حيث كان في استقباله الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط.

وشهدت الزيارة كلمة تاريخية ألقاها الرئيس الفيتنامي أمام مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، عبّر خلالها عن فخره بكونه أول رئيس فيتنامي يُخاطب هذا المحفل العربي الكبير، مشيدًا بالدور المحوري للجامعة في تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك.

وأكد الرئيس كوونج في كلمته أن بلاده تتبنى نهجًا قائمًا على الحوار والمصالحة والتعددية كوسيلة لتحقيق الاستقرار والسلام العالمي، مستشهدًا بتجربة فيتنام الفريدة في تجاوز جراح الحروب، والانخراط الفعّال في التصدي للتحديات العالمية، وعلى رأسها تغير المناخ والقيود التجارية.

دعم واضح لفلسطين والحلول السلمية

وفي موقف يعكس التزام فيتنام بالمبادئ الدولية والإنسانية، أعرب الرئيس الفيتنامي عن قلقه البالغ إزاء ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من أزمات، مؤكدًا دعم بلاده الكامل لحل الدولتين، وضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو 1967، مشددًا على أن الحوار والمصالحة هما السبيل الأمثل لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

إشادة بالعلاقات مع مصر والدول العربية

كما أثنى الرئيس الفيتنامي على علاقات بلاده مع الدول العربية، مؤكدًا أنها قائمة على الاحترام المتبادل والإرث التاريخي المشترك، معربًا عن تطلع بلاده إلى توسيع التعاون مع العالم العربي، لا سيما في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة، بما يشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، إلى جانب إبرام اتفاقيات تجارة حرة تدعم الازدهار المشترك.

وفيما يخص العلاقات الثنائية مع مصر، وصفها الرئيس كوونج بأنها “نموذج مهم للعلاقات الدولية الحديثة”، داعيًا إلى تعزيز الثقة السياسية، وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتقني والعلمي بين البلدين.

الجامعة العربية ترحب بالزيارة

من جانبه، رحّب الأمين العام لجامعة الدول العربية، السيد أحمد أبو الغيط، بزيارة الرئيس الفيتنامي، مؤكدًا أن الدول العربية تكنّ احترامًا كبيرًا للشعب الفيتنامي وتجربته النضالية والتنموية، مشيرًا إلى اهتمام الجامعة بتعزيز التعاون العربي–الفيتنامي على كافة المستويات.

كما وصف السفير الأردني أمجد العضايلة، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة، هذه الزيارة بـ”نقطة انطلاق جديدة” في مسار العلاقات مع فيتنام، مؤكدًا أن تجربة فيتنام في مقاومة الاستعمار تشكل مصدر إلهام لدعم القضية الفلسطينية، وخاصة في ظل استمرار الانتهاكات والحصار المفروض على قطاع غزة.

علاقات مصرية فيتنامية متميزة

تتمتع العلاقات المصرية – الفيتنامية بعمق تاريخي وتفاهم سياسي متبادل، حيث تعود بداياتها إلى عام 1963، إلا أنها شهدت طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي زار هانوي في عام 2017، في أول زيارة لرئيس مصري منذ إقامة العلاقات بين البلدين، ما شكّل نقطة تحول بارزة في مسار الشراكة الثنائية.

وتتسم هذه العلاقات بالتنوع والتكامل، وتشمل مجالات متعددة مثل التجارة، والاستثمار، والتعليم، والثقافة، والطاقة المتجددة. كما تتقارب رؤى القاهرة وهانوي إزاء دعم قضايا السلم والتنمية، وتحرصان على التنسيق المستمر داخل المحافل الدولية.

تعاون علمي وثقافي متنامٍ

يمتد التعاون بين البلدين إلى المجالين التعليمي والثقافي، من خلال برامج التبادل الطلابي بين الجامعات، والتي تسهم في تعزيز التفاهم بين الشعبين، ودعم التعاون في مجالات البحث العلمي والتعليم العالي.

استقبال رئاسي في قصر الاتحادية

وفي ختام جدول الزيارة، استقبل السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، بقصر الاتحادية، السيد لوونج كوونج، رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية، حيث تم بحث سبل تطوير العلاقات الثنائية، والتشاور حول عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

وقد صرح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن اللقاء تناول تعزيز أطر التعاون الاقتصادي والاستثماري، ومواصلة التنسيق السياسي والدبلوماسي بين القاهرة وهانوي.

,تشكل زيارة الرئيس الفيتنامي إلى مصر محطة جديدة في مسيرة العلاقات المتنامية بين البلدين، وتجسد التوجه المصري لتعميق الشراكات مع دول جنوب شرق آسيا، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية لبناء شبكة علاقات دولية متوازنة تخدم التنمية والسلام والاستقرار العالمي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version