في خضم الحراك الاقتصادي المكثف الذي تشهده مصر، ومع تسارع خطوات الإصلاح الهادفة إلى تعزيز بيئة الاستثمار، جاءت المباحثات المصرية-القطرية الأخيرة لتشكل نقلة نوعية في مسار التعاون المشترك، بعد الإعلان عن حزمة استثمارات قطرية كبرى بقيمة 7.5 مليار دولار، اعتبرت الأضخم في تاريخ العلاقات الاقتصادية بين الجانبين.

7.5 مليار دولار .. مباحثات «مصرية-قطرية» تفتح آفاقًا استثمارية ود. كريم عادل يوضح الهدف

قال الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، في تصريحات خاصة لموقع “صدى البلد”، إن الدولة المصرية تستهدف خلال الفترة الحالية جذب استثمارات أجنبية جديدة، خاصة من الدول والشركاء الإقليميين وأصحاب الودائع القائمة لدى البنك المركزي المصري.

وأوضح أن الهدف من هذه الخطوة يتمثل في أحد أمرين: إما استقطاب استثمارات أجنبية مباشرة جديدة، أو استبدال الودائع الحالية باستثمارات، بما يسهم في تقليص حجم الدين الخارجي.

الجدوى الاقتصادية مرهونة بطبيعة الاستثمارات والقطاعات الموجهة إليها

وأكد عادل أن الجدوى الحقيقية من هذه الاستثمارات لا تُقاس بحجمها فقط، وإنما بطبيعتها والقطاعات التي سيتم توجيهها إليها، حيث إن ذلك هو ما يحدد حجم الفائدة على الاقتصاد المصري بوجه عام، وعلى المواطن بشكل خاص.

استبدال الودائع باستثمارات يقلل الدين لكن الاستفادة تعتمد على وضع الوديعة

وأوضح أنه إذا كانت هذه الاستثمارات بديلاً عن ودائع حالية مثل الودائع القطرية لدى البنك المركزي، فإنها خطوة إيجابية لتقليل أعباء الدين الخارجي، لكن العائد الاقتصادي يختلف باختلاف وضع الوديعة.

فإذا كانت قيمة دفترية سبق استخدامها في سداد التزامات خارجية أو متطلبات داخلية، فلن يتجاوز أثرها تقليص الدين فقط. أما إذا كانت لا تزال لدى البنك المركزي كقيمة فعلية، فإن تحويلها لاستثمارات مباشرة سيكون له مردود أكبر على الاقتصاد.

إذا كانت موارد جديدة.. هل ستُضخ في الاقتصاد أم تُستخدم لسداد التزامات؟

وأضاف أن الأمر الثاني يرتبط بمدى كون هذه الاستثمارات عبارة عن موارد دولارية جديدة تدخل الدولة، متسائلًا: “هل ستستخدم هذه الموارد في سداد التزامات خارجية فقط، أم سيتم توجيهها إلى استثمارات فعلية تدخل عجلة الاقتصاد؟”.

وشدد على أن جدوى هذه الاستثمارات تتوقف كذلك على القطاعات الموجهة إليها، متسائلًا: “هل ستوجه مثلًا للقطاع العقاري كما حدث في صفقة رأس الحكمة، أم سيتم ضخها في قطاعات إنتاجية وتشغيلية ولوجستية ترفع معدلات التوظيف والإنتاج، وتعود بفوائد مباشرة وسريعة على الاقتصاد والمجتمع؟”.

الحاجة إلى الشفافية والإيضاح

واختتم رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية تصريحاته بالتأكيد على أن هناك العديد من التساؤلات التي ما زالت بحاجة إلى إجابة واضحة، مشيرًا إلى أن الشفافية في إعلان طبيعة هذه الاستثمارات والفائدة المتوقعة منها أمر ضروري لضمان فهم حقيقي لمردودها الاقتصادي.

خبير: 7.5 مليار دولار استثمارات قطرية تؤكد عودة مصر كوجهة جاذبة لرؤوس الأموال الخليجية

قال الخبير الاقتصادي أحمد خطاب، إن حزمة الاستثمارات القطرية المباشرة التي أعلن عنها مجلس الوزراء بقيمة 7.5 مليار دولار، بحضور رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير الخارجية السفير بدر عبد العاطي، ورئيس وزراء ووزير خارجية قطر، تمثل خطوة جديدة تؤكد عودة الزخم في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

وأضاف خطاب أن الاستثمارات القطرية ستتركز بشكل أساسي في قطاع الاستثمار العقاري، سواء في مشروعات كبرى بمنطقة التجمع الخامس أو على كورنيش النيل من خلال الفنادق، إلى جانب مشروعات جديدة في العلمين الجديدة ورأس الحكمة، على غرار ما قامت به دولة الإمارات.

وأشار إلى أن قطر تسعى كذلك إلى التوسع في قطاع الصناعة والاستصلاح الزراعي، موضحًا أن هناك اهتمامًا قطريًا خاصًا باستيراد محاصيل زراعية من مصر، مثل البرسيم الأخضر والمجفف، لاستخدامها في تربية الأبقار المنتجة للألبان، في إطار استراتيجيتها الجديدة التي تبنتها بعد أزمة المقاطعة الخليجية السابقة.

وأوضح خطاب أن التعاون لن يقتصر على العقارات والزراعة فقط، بل سيمتد إلى قطاعات السياحة، والتعليم، والصحة، بما يعزز فرص النمو ويوفر آلاف فرص العمل.

وتابع أن الحكومة المصرية قدمت حوافز وتسهيلات واسعة لجذب الاستثمارات الخليجية، مشيرًا إلى أن الاستثمارات الإماراتية في رأس الحكمة بلغت نحو 5 مليارات دولار كمرحلة أولى، ومن المتوقع أن تصل إلى 105 مليارات دولار بنهاية المشروعات، ما يجعل المنطقة واحدة من أبرز المقاصد السياحية والسكنية عالميًا، على غرار شرم الشيخ والغردقة وأسوان.

وأكد خطاب أن خفض البنك المركزي لسعر الفائدة بنسبة 2% سيشكل حافزًا إضافيًا لتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة المقبلة، متوقعًا أن تشهد مصر مزيدًا من الاتفاقيات الاستثمارية الخليجية، سواء من قطر أو الإمارات أو الكويت أو السعودية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version