بين الرمال الذهبية لهضبة الجيزة، حيث تصطف الأهرامات في صمت مهيب منذ آلاف السنين، تستعد مصر لكتابة فصل جديد في سجلها الحضاري مع الافتتاح المرتقب المتحف المصري الكبير، أكبر صرح أثري في العالم مخصص لحضارة واحدة، وفي الجهة الأخرى من العالم، يمتد سور الصين العظيم كتنين حجري يعانق الجبال والوديان، شاهدا على عبقرية الإنسان وقدرته على تخطي حدود الزمن والمكان.

المتحف المصري الكبير أيقونة جديدة في ظل الأهرامات

فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير تعود إلى تسعينيات القرن الماضي، قبل أن يوضع حجر الأساس رسميا في عام 2002 بموقع استثنائي يطل مباشرة على أهرامات الجيزة، ليجعل من منطقة الهرم مركزا عالميا للحضارة والتاريخ.

ومع اقتراب افتتاحه غدا تتحول أنظار العالم إلى القاهرة، حيث وعدت الحكومة بعروض “تُبهر العالم”، وفق تصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، مؤكدة أن المتحف سيكون بوابة جديدة لمصر على الخريطة السياحية الدولية.

يعد المتحف المصري الكبير ثالث المتاحف الكبرى في مصر بعد متحف التحرير ومتحف الحضارة بالفسطاط، لكنه الأكبر على الإطلاق في الشرق الأوسط وأفريقيا، بل والأوسع عالميا من حيث تخصيصه لحضارة واحدة.

وينتظر أن يكون معرض الملك الذهبي توت عنخ آمون أبرز محطات الزيارة، إذ ستُعرض مقتنياته الكاملة، التي تتجاوز خمسة آلاف قطعة أثرية، في قاعة مهيبة تبلغ مساحتها 7500 متر مربع، مجهزة بأحدث أنظمة العرض والتحكم البيئي، لتمنح الزوار تجربة فريدة “تليق بملكٍ خالد”.

من الأهرامات إلى سور الصين العظيم رحلة بين العجائب

وفيما تتهيأ القاهرة لتقديم معجزتها المعمارية الحديثة إلى العالم، يظل سور الصين العظيم أحد أبرز عجائب الدنيا السبع الجديدة شاهدا على عبقرية أخرى نشأت على الضفة الشرقية من القارة الآسيوية.


يمتد السور لأكثر من 21 ألف كيلومتر عبر شمال الصين، من مقاطعة لياونينغ شرقا حتى صحراء غوبي غربا، مارا بجبال وسهول ومدنٍ مثل بكين وخبي وقانسو، ليشكل بانوراما فريدة تجمع بين الطبيعة والهندسة العسكرية القديمة.

بدأ بناء السور في القرن الخامس قبل الميلاد كتحصينات دفاعية متفرقة، قبل أن يوحّدها الإمبراطور تشين شي هوانغ في سور واحد لحماية الإمبراطورية الصينية من الغزوات الشمالية ومع مرور القرون، تحول السور من خط دفاع إلى رمز وطني للثبات والوحدة، تماما كما تمثل الأهرامات رمزا للخلود والإبداع المصري.

حوار حضاري بلا كلمات

بين الأهرامات التي تحرسها أبو الهول منذ آلاف السنين، والسور الذي يلتف كأفعى حجرية حول جبال الصين، يمتد خيط غير مرئي من التواصل الإنساني؛ حضارتان عظيمتان فصلت بينهما المسافات، وجمعتهما الرغبة في الخلود والتفوق والإبداع.

فبينما تعد زيارة الأهرامات والمتحف الكبير تجربة تغوص بالزائر في أسرار الملوك والآلهة، تمنح رحلة سور الصين العظيم فرصة للتأمل في إرادة الإنسان حين يواجه الطبيعة بالعمل والعزيمة.

الهرم وسور الصين وجهان لعظمة الإنسان

ومع اقتراب افتتاح المتحف المصري الكبير، تتجدد الدعوة لرحلة عبر التاريخ تبدأ من هضبة الهرم، وتصل بخيال الزائر إلى سور الصين العظيم، حيث تتجسد أروع صور التواصل الإنساني بين الشرق والشرق، في لغة واحدة هي لغة الحضارة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version