أثارت تصريحات مثيرة للجدل موجة من الانتقادات، بعد طرح مقارنة بين القصف الإسرائيلي لقطاع غزة وما تعرضت له مدينة درسدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية.
ورغم أنه لم يُسجَّل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أدلى بهذه المقارنة بشكل مباشر، فإن شخصيات إسرائيلية بارزة ومستشارين أميركيين ألمحوا إليها لتبرير شدة العمليات العسكرية الجارية.
المبعوث الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هوكابي، كان من أبرز من تبنوا هذا الطرح، إذ قارن العمليات الإسرائيلية في غزة بالقصف الذي نفذه الحلفاء على درسدن عام 1945، معتبراً أن “الضغط الدولي على إسرائيل لا يتناسب مع حجم التهديدات التي تواجهها”، ومؤكداً أن التدقيق في تلك العمليات يشبه ما واجهته بريطانيا لاحقاً بشأن غاراتها على المدينة الألمانية.
أعنف الغارات الجوية في التاريخ
شهدت درسدن، في فبراير 1945، واحدة من أعنف الغارات الجوية في التاريخ، أودت بحياة ما بين 25 و35 ألف مدني، ودمّرت معظم أحيائها. ويستشهد المدافعون عن السياسة الإسرائيلية بهذه الواقعة لتبرير استهدافات واسعة النطاق، معتبرين أنها جزء من “حرب وجودية” ضد أعداء الدولة.
لكن تقارير ميدانية ودراسات حديثة تشير إلى أن حجم الدمار في غزة يتجاوز بكثير ما حدث في درسدن، إذ ألقت إسرائيل، منذ أكتوبر 2023، أكثر من 70 ألف طن من القنابل، أي ما يفوق إجمالي ما ألقاه الحلفاء على درسدن وهامبورغ ولندن مجتمعة خلال الحرب العالمية الثانية. وتشير بيانات أممية إلى تضرر أو تدمير نحو 75% من مباني القطاع، في مشهد يوصف بأنه غير مسبوق في النزاعات الحديثة.
انعكاسات سياسية وأخلاقية
المقارنة بين غزة ودرسدن تطرح إشكاليات متعددة، أبرزها استخدام الذاكرة التاريخية لتبرير سياسات عسكرية، وطرح أسئلة حول الالتزام بالقانون الدولي الإنساني. ويرى محللون أن هذه التصريحات تهدف إلى تلميع صورة العمليات الإسرائيلية أمام الرأي العام الغربي، لكنها في الوقت ذاته تغذي الجدل القانوني والسياسي حول مبدأ التناسب في الحروب.
ومع تصاعد الضغوط الدولية، يحذر مراقبون من أن استمرار هذا الخطاب قد يؤدي إلى مزيد من التوترات الدبلوماسية، ويضع إسرائيل أمام تحديات أكبر في تبرير عملياتها على الساحة الدولية، خاصة في ظل الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يشهدها قطاع غزة.