كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن هوة الخلافات قد اتسعت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكبار قادته العسكريين مع توسع إسرائيل في حربها على غزة.
وذكرت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم، أنه مع توسيع نطاق الحرب الإسرائيلية على غزة، تتركز سلطة اتخاذ القرارات بشكل متزايد في يد شخص واحد هو بنيامين نتنياهو.
وقالت الصحيفة إن تقدم إسرائيل في مدينة غزة لا يؤدي إلى تقسيم الرأي العام الإسرائيلي فحسب، بل يكشف أيضا عن خلافات حادة بين القيادة العسكرية والحكومة المنتخبة في وقت الأزمة.
وبحسب الصحيفة، عارض كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين مؤخرا سياسات نتنياهو في ثلاثة أمور رئيسية: قراره اقتحام مدينة غزة، المركز الحضري الرئيسي في القطاع، وقراره استهداف قيادات حركة حماس في قطر، بالإضافة إلى نهجه في مفاوضات إنهاء الحرب.
وأوضحت الصحيفة أن موقف نتنياهو المتشدد في هذه القضايا الثلاث لم يساهم فقط في تعميق عزلته دوليا، بل زاد من تساؤلات الرأي العام المحلي حول المسار الذي يقود إليه إسرائيل. 
وقال يوهانان بلسنر، رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث غير سياسي في القدس المحتلة: “نعيش في عصر فريد وغير مسبوق، حيث تتركز سلطة اتخاذ القرارات في قضايا الأمن القومي في يد شخص واحد”.
وأضاف بلسنر، وهو عضو سابق في البرلمان: “كان من المعتاد أن تتخذ القرارات المهمة بالتوافق بين القيادة السياسية والعسكرية والأمنية. إذن، تم تجاوز هذا المعيار – فقد اضطر رئيس الأركان إلى إرسال قواته إلى معركة لا يؤمن بها بالضرورة”.
وقالت النيويورك تايمز إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، عارض مؤخرا قرار الحكومة باقتحام مدينة غزة، التي يعتبرها قادة إسرائيل أحد معاقل حماس الرئيسية. وعلى الرغم من معارضته، شنت إسرائيل غزوها البري للمدينة هذا الأسبوع، مع وجود مئات الآلاف من الفلسطينيين فيها.
ولفتت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفذ عمليات خطيرة في غزة وقطر، متجاوزا توصيات كبار قادة الجيش والأمن.
وقالت ثلاثة مصادر مطلعة على المداولات الداخلية تحدثت للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويتها إن زامير وديفيد برنيا، رئيس الموساد، عارضا توقيت العملية في قطر، وهي دولة تُعد وسيطا في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وحليفة قريبة للولايات المتحدة، وفضلا بدلا من ذلك ترك المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار المحتمل تسير بوتيرتها الطبيعية.
ولفتت الصحيفة إلى أن نتنياهو غير موقفه مؤخرا في مفاوضات وقف إطلاق النار، إذ كان يصر على اتباع نهج تدريجي لحل النزاع، بدءا من وقف مؤقت لإطلاق النار وإطلاق سراح بعض الرهائن. أما الآن، فيطالب باتفاق شامل لإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين دفعة واحدة وإنهاء الحرب وفق شروط إسرائيل. وهذا النوع من الاتفاق يصعب تحقيقه، وقد رفضته حماس بشدة حتى الآن.
وقد عارض هذا التغيير المفاجئ كل من زامير وبرنيا، بالإضافة إلى تساحي هانجبي، مستشار الأمن القومي لنتنياهو، وفقا لمسؤولين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم. وأوضح هؤلاء المسؤولون أن الثلاثة كانوا يرغبون في العودة إلى اتفاق المرحلة الأولى الذي كان مطروحا على الطاولة والذي وافقت عليه حماس في الأساس.
وبحسب الصحيفة، يشكك العديد من الإسرائيليين في إمكانية تحقيق هدف الحكومة المعلن للقضاء على حماس، ويتساءلون عما يمكن أن تنجزه العملية العسكرية في مدينة غزة مقارنة بما لم تنجح فيه المعارك التي استمرت قرابة عامين.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الأغلبية تفضل اتفاقا يتم التوصل إليه عبر المفاوضات لضمان إطلاق سراح الرهائن المتبقين مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين وإنهاء الحرب.
وأوضحت الصحيفة أن نتنياهو لا يواجه أي معارضة تذكر من شركائه في الائتلاف، الذين هم في الغالب أكثر تشددا منه، أو من داخل حزبه. وبفضل الدعم القوي من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبدو أن القوى الدولية الأخرى لا تمتلك أي نفوذ على قراراته.
وفي ختام تقريرها أعادت الصحيفة إلى الأذهان أن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي اتهمت نتنياهو بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك حصار غزة، وبارتكاب جرائم إبادة جماعية. وترفض الحكومة الإسرائيلية هذه الاتهامات بشدة، ويبدو أن هذه الاتهامات زادت من عزلة نتنياهو وتصميمه على مواصلة سياساته.
 

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version