تحدث الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن مسألة شديدة الأهمية تتعلق بعلاقة الزوجين بعد الزواج، وذلك ردًا على سؤال ورد من سيدة تُدعى زينب من محافظة المنوفية، أوضحت فيه أنها تعمل مدرسة، وأن زوجها كان قد وافق على عملها أثناء فترة الخطوبة، إلا أنه بعد الزواج تغيّر موقفه وأصبح يمنعها من الخروج من المنزل أو الذهاب لزيارة أهلها أو حتى مرافقتهم إلى الأرض الزراعية، متسائلة: “هل يجوز لي أن أخرج دون علمه طالما لا أفعل شيئًا محرمًا؟”

وخلال لقائه تصريحات تلفزيونية، أوضح الدكتور محمود شلبي أن العلاقة الزوجية في جوهرها قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل والاتفاق المشترك، وليست ساحة للسيطرة أو فرض الرأي. 

وأكد أن عقد الزواج يُنشئ حقوقًا وواجبات متبادلة بين الطرفين، وبالتالي لا يجوز لأي من الزوجين أن يتخذ قرارات مصيرية تخص الآخر دون حوار أو تشاور مسبق.

وأشار أمين الفتوى إلى أن الأصل في العلاقات الزوجية هو الوفاء بما تم الاتفاق عليه قبل الزواج، موضحًا أن الزوج إذا وافق أثناء الخطبة على أن تعمل زوجته، فإن هذا الاتفاق يُعد التزامًا أدبيًا وشرعيًا، ولا يجوز له بعد الزواج أن ينقضه دون مبرر مقبول أو تشاور معها. وأضاف أن نقض العهود من التصرفات غير الجائزة شرعًا، لأن الزواج في هذه الحالة تم على أساس من الاتفاق المسبق، ومن ثم يجب احترام ما تم الوعد به.

وبيّن الدكتور شلبي أن منع الزوج لزوجته من العمل دون سبب واضح أو دون تفاهم مسبق قد يؤدي إلى اضطرابات داخل الأسرة، ويخلق توترًا في العلاقة الزوجية، لأن الشعور بعدم الإنصاف أو التراجع عن الوعود يُحدث شرخًا في الثقة المتبادلة بين الطرفين.

كما شدد على أن الخلافات الزوجية لا تحل بالعناد أو بالتصرفات الخفية، مثل خروج الزوجة من المنزل دون علم زوجها، لأن ذلك يزيد من حدة الخلاف ولا يعالج المشكلة. وأكد أن الطريق الصحيح هو التفاهم بالحسنى والحوار الهادئ الذي يهدف إلى الوصول لحل يرضي الطرفين ويحافظ على استقرار الأسرة.

وأوضح أمين الفتوى أن في حال تعذر الوصول إلى اتفاق مباشر بين الزوجين، يمكن الاستعانة بأهل الخير أو الحكماء من الأسرتين للتدخل بالحكمة والموعظة الحسنة، دون أن يتحول الخلاف إلى خصومة أو عناد. وختم بقوله إن الإسلام جعل الزواج ميثاقًا غليظًا قائمًا على الرحمة والمودة، وليس مجالًا للنزاع أو الإكراه، داعيًا الزوجين إلى الحفاظ على هذا الميثاق بالاحترام والصدق والوفاء بالعهود.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version