أثار خبر وفاة رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد علي الحداد، في حادث تحطم طائرة بالقرب من أنقرة التركية، تساؤلات واسعة حول تأثير هذه الخسارة على المشهد الأمني والسياسي في ليبيا. الحداد، الذي كان يعود من زيارة رسمية لتركيا، لعب دوراً محورياً في جهود توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، خاصةً بعد سنوات من الانقسام والصراع. وقد نعى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، الحداد وعدد من مرافقيه، مؤكداً على الخسارة الكبيرة التي منيت بها البلاد.

أعلنت السلطات التركية عن العثور على حطام الطائرة التي كانت تقل الحداد والوفد المرافق له في محيط مطار إيسينبوغا بأنقرة، مساء الثلاثاء. لم يتم حتى الآن الإعلان عن تفاصيل كاملة حول أسباب الحادث، لكن التحقيقات جارية لتحديد ملابساته. وقد أعربت العديد من الأطراف الليبية والإقليمية عن تعازيها في وفاة الحداد ورفاقه.

من هو محمد علي الحداد؟

الفريق أول ركن محمد علي أحمد الحداد، المولود في مدينة مصراتة، كان من أبرز القادة العسكريين في غرب ليبيا. تدرج في المناصب العسكرية قبل أن يتم تعيينه رئيساً للأركان العامة للقوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في عام 2021. يعود أصل قوة الحداد إلى مصراتة، التي تعتبر مركزاً رئيسياً للقوة العسكرية والسياسية في المنطقة بعد ثورة 17 فبراير.

كان الحداد شخصية رئيسية في مرحلة ما بعد معركة طرابلس، حيث عمل على إعادة هيكلة القوات في غرب ليبيا. وقد اشتهر بجهوده في دمج المليشيات المسلحة المختلفة في إطار المؤسسة العسكرية الرسمية، وهي عملية معقدة وحساسة في ظل التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها ليبيا.

دور الحداد في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)

لعب الحداد دوراً بارزاً في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، التي تضم ممثلين عن الشرق والغرب الليبي. تهدف هذه اللجنة إلى تحقيق الاستقرار وتوحيد المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر 2020. كان الحداد من الداعمين الرئيسيين لهذا الاتفاق، وعمل على تعزيز الحوار والتنسيق بين الجانبين.

العلاقات الإقليمية والدولية لرئيس الأركان

سعى محمد الحداد إلى تعزيز التعاون العسكري مع عدد من الدول الإقليمية والدولية، بما في ذلك تركيا وإيطاليا والولايات المتحدة. تعتبر العلاقات مع تركيا ذات أهمية خاصة، حيث زار الحداد فرقاطة تركية قبالة السواحل الليبية في أغسطس 2021، في زيارة أثارت جدلاً واسعاً. كما التقى بوزير الدفاع التركي السابق خلوصي أكار في طرابلس، وآخر لقاءاته كان مع وزير الدفاع التركي الحالي يشار غولر ورئيس الأركان سلجوق بيرقدار أوغلو في أنقرة، حيث ناقشوا سبل تعزيز التعاون العسكري.

بالإضافة إلى ذلك، وقّع الحداد اتفاقاً عسكرياً مع إيطاليا في روما عام 2023، يهدف إلى تدريب القوات الخاصة الليبية وتعزيز التعاون الأمني في منطقة البحر المتوسط. كما أجرى لقاءات مع مسؤولين عسكريين أمريكيين في إطار التعاون الأمني المستمر. وفي يونيو 2022، التقى برئيس أركان الجيش الليبي عبد الرازق الناظوري في القاهرة، لمناقشة قضايا مشتركة تتعلق بتوحيد الجيش.

وتشير التقارير إلى أن الحداد كان يركز على بناء جيش ليبي موحد وقادر على حماية الحدود الليبية ومكافحة الإرهاب، وهو هدف توافق عليه معظم الأطراف الليبية.

نعي الحداد وردود الفعل

نعى رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، الحداد ومرافقيه، معرباً عن حزنه العميق للخسارة. وأشاد الدبيبة بدور الحداد في خدمة الوطن، مؤكداً على أنه كان مثالاً للانضباط والمسؤولية والالتزام الوطني. وقد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الحداد العام على وفاة الحداد ورفاقه.

من المتوقع أن تشهد الأيام القادمة مزيداً من ردود الفعل المحلية والإقليمية على وفاة الحداد. كما من المرجح أن يتم الإعلان عن ترتيبات لتكريم ذكرى الحداد ورفاقه، وربما يتم تسمية بعض المنشآت العسكرية أو الشوارع باسمه. يبقى التحدي الأكبر أمام حكومة الوحدة الوطنية هو إيجاد خلف مناسب للحداد، قادر على مواصلة جهوده في توحيد المؤسسة العسكرية وتحقيق الاستقرار في البلاد. من المرجح أن يتم الإعلان عن رئيس أركان جديد خلال الأسبوعين القادمين، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة الحفاظ على التوازن بين مختلف الأطراف العسكرية والسياسية.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version