شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي في ليلة افتتاحه عرضاً أولاً في الشرق الأوسط لفيلم “عملاق” (Giant)، من إخراج روام أثالي وبطولة بروس بروسنان وأمير المصري. الفيلم الذي عُرض سابقاً في مهرجان لندن، يروي قصة ملهمة عن مدرب الملاكمة برايندن إيجل، وكيف اكتشف وساهم في صعود البطل العالمي نسيم حامد، ويعد إضافة قوية لأفلام السيرة الذاتية الرياضية.
الفيلم، الذي استقبلته إدارة المهرجان كافتتاحية لدورته الخامسة، يسلط الضوء على رحلة نسيم حامد، الملاكم البريطاني من أصل عربي الذي حقق نجاحاً باهراً في التسعينيات، بالإضافة إلى قصة برايندن إيجل، المدرب الذي أسس صالة ألعاب رياضية أصبحت منطلقاً للعديد من الأبطال، ومركزاً اجتماعياً مهماً للشباب في مدينة شيفيلد البريطانية.
“عملاق”: أكثر من مجرد قصة ملاكمة
على الرغم من تصنيف الفيلم كرياضي وسيرة ذاتية، إلا أن “عملاق” يتجاوز مجرد سرد قصة حياة نسيم حامد. الفيلم يركز بشكل أساسي على دور برايندن إيجل، المدرب الذي اكتشف نسيم حامد وعددًا آخر من الملاكمين الموهوبين. يصور الفيلم كيف أصبحت صالة الألعاب الرياضية التي أسسها إيجل ملاذاً آمناً للأطفال والشباب، وساهمت في تغيير مسارات حياتهم.
يبدأ الفيلم بمشهد فوز نسيم حامد بلقب بطولة العالم عام 1997، ثم يعود بالزمن إلى الوراء، لكنه لا يركز على حياة نسيم في طفولته، بل يتبع قصة برايندن إيجل وهو يكتشف موهبة نسيم، ويحاول مساعدته على تطويرها. هذا التركيز يمنح الفيلم زاوية فريدة، ويجعله أكثر من مجرد قصة ملاكمة تقليدية.
يُظهر الفيلم برايندن إيجل كشخصية معقدة، فهو مدرب موهوب، ولكنه أيضاً رجل يعاني من تحديات شخصية واجتماعية. يواجه إيجل العنصرية والفقر، ولكنه يظل ملتزماً بمساعدة الشباب على تحقيق أحلامهم. هذا البعد الإنساني يجعل شخصية إيجل أكثر جاذبية وتأثيراً.
أداء الممثلين والجانب الفني
يقدم بروس بروسنان أداءً مذهلاً في دور برايندن إيجل، حيث يجسد شخصية المدرب بكل تفاصيلها، ويظهر حكمته وقوته الداخلية. أما أمير المصري، فيقدم أداءً مقنعاً في دور نسيم حامد، ويتمكن من تجسيد شخصية الملاكم الطموح والموهوب. التمثيل القوي يساهم بشكل كبير في نجاح الفيلم.
يتميز الفيلم أيضاً بجودة الإخراج والتصوير والموسيقى. يستخدم المخرج روام أثالي تقنيات سينمائية مبتكرة لخلق جو من التشويق والإثارة، ويتمكن من نقل المشاهد إلى عالم الملاكمة بكل تفاصيله. الموسيقى التصويرية للفيلم تعزز من تأثير المشاهد العاطفية، وتزيد من انغماس المشاهد في القصة.
الرسائل الاجتماعية في فيلم “عملاق”
يحمل الفيلم رسائل اجتماعية قوية، حيث يتناول قضايا مثل العنصرية والفقر والاندماج الاجتماعي. يظهر الفيلم كيف يمكن للرياضة أن تكون وسيلة للتغلب على هذه التحديات، وكيف يمكن للمدربين أن يلعبوا دوراً مهماً في تغيير حياة الشباب. الفيلم يذكرنا بأهمية المساواة والعدالة الاجتماعية، وبضرورة توفير الفرص للجميع لتحقيق أحلامهم.
كما يسلط الفيلم الضوء على أهمية العلاقات الإنسانية، وعلى دور العائلة والأصدقاء في دعم الأفراد وتحقيق النجاح. يظهر الفيلم كيف يمكن للعلاقات القوية أن تساعد الأفراد على التغلب على الصعاب، وكيف يمكن للمجتمع أن يلعب دوراً مهماً في رعاية الشباب وتوجيههم.
يتناول الفيلم أيضاً موضوع الهوية والانتماء، حيث يصور نسيم حامد كشخصية تعيش صراعاً بين ثقافتين مختلفتين. يظهر الفيلم كيف يمكن للأفراد أن يجدوا هويتهم الخاصة، وكيف يمكنهم أن يجمعوا بين ثقافاتهم المختلفة لخلق هوية فريدة.
من المتوقع أن يثير فيلم “عملاق” نقاشاً واسعاً حول قضايا اجتماعية مهمة، وأن يلهم الشباب لتحقيق أحلامهم. سيستمر عرض الفيلم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي حتى 13 ديسمبر، ومن المتوقع أن يتم عرضه في دور السينما في جميع أنحاء العالم في المستقبل القريب. يبقى أن نرى كيف سيستقبل الجمهور العالمي هذا الفيلم المثير للاهتمام، وما هو التأثير الذي سيتركه على صناعة السينما.

