أعلنت شركة نتفليكس عن اتفاق للاستحواذ على أصول شركة وارنر براذرز ديسكفري السينمائية والتلفزيونية، بما في ذلك حصة مسيطرة في خدمة البث HBO Max، في صفقة تصل قيمتها إلى 82.7 مليار دولار. هذا الاستحواذ المحتمل لـ نتفليكس يُعد خطوة كبيرة نحو إعادة تشكيل مشهد صناعة الترفيه العالمية، ويأتي في وقت تشهد فيه هذه الصناعة تحولات جذرية بسبب صعود خدمات البث الرقمي. الصفقة، التي لا تزال تخضع للمراجعة التنظيمية، قد تؤدي إلى دمج اثنين من أكبر اللاعبين في السوق، مما يثير تساؤلات حول المنافسة المستقبلية.
اتفقت نتفليكس مع وارنر برذرز ديسكفري صباح الجمعة، على شراء استوديوهات التلفزيون والسينما وأصولها مقابل 72 مليار دولار بالإضافة إلى الديون. يأتي هذا الإعلان بعد فترة من التكهنات بشأن مستقبل وارنر براذرز ديسكفري، التي كانت تخطط لتقسيم الشركة إلى قسمين منفصلين يتم تداولهما في البورصة.
تحول جذري في صناعة البث و صراع الاستحواذ على وارنر براذرز
تهدف وارنر براذرز ديسكفري إلى إتمام عملية التقسيم في صيف عام 2026. وبموجب الاتفاق، تخطط نتفليكس للاستحواذ على الجزء الخاص بوارنر، بينما سيضم الجزء الآخر، المعروف باسم Discovery Global، شبكة CNN وقنوات الكابل الأخرى. ومع ذلك، لا يزال مستقبل هذه الصفقة غير مؤكد، حيث قد تستمر شركات باراماونت وكومكاست في مساعيها للاستحواذ على وارنر براذرز ديسكفري.
على الرغم من أن باراماونت كانت تعتبر الأوفر حظاً في الأسابيع الأخيرة، إلا أن نتفليكس فاجأت السوق بعرضها الجريء. وفقاً لمصادر مطلعة، قدمت نتفليكس عرضين متتاليين تجاوزا عروض باراماونت. بالإضافة إلى ذلك، وافقت نتفليكس على دفع رسوم فسخ كبيرة، مما يدل على التزامها القوي بإتمام الصفقة.
المخاوف التنظيمية والسياسية
من المتوقع أن تخضع الصفقة لمراجعة دقيقة من قبل السلطات التنظيمية في الولايات المتحدة ودول أخرى. يعتقد بعض المحللين أن الصفقة قد تثير معركة سياسية وقانونية، خاصةً مع وجود مخاوف بشأن تأثيرها على المنافسة في صناعة الترفيه. وقد أعرب السيناتور مايك لي عن قلقه عبر منصة “إكس”، مشيراً إلى أن طموح نتفليكس في الاستحواذ على منافس رئيسي يجب أن يكون بمثابة إنذار لجهات مكافحة الاحتكار حول العالم.
ويرى خبراء قانونيين أن الصفقة قد تخضع لتدقيق مكثف في ضوء قوانين مكافحة الاحتكار، والتي تهدف إلى منع الاحتكار وتعزيز المنافسة العادلة. وحسب رابطة Cinema United، التي تمثل أصحاب دور السينما، فإن الصفقة تشكل “تهديداً غير مسبوق” لصناعة العرض السينمائي بسبب موقف نتفليكس من توزيع الأفلام.
في المقابل، أكدت نتفليكس أنها تتوقع الحفاظ على العمليات الحالية لوارنر براذرز، بما في ذلك عروض الأفلام في دور السينما. وعلّق جريج بيترز، الرئيس التنفيذي المشترك لنتفليكس، قائلاً إن وارنر براذرز ساهمت في تشكيل صناعة الترفيه لأكثر من قرن، وأن الاستحواذ سيخلق فرصاً أكبر للمجتمع الإبداعي ويزيد من قيمة المساهمين.
يشير تقرير حديث صادر عن بنك أوف أميركا إلى أنه في حال نجحت نتفليكس في الاستحواذ على وارنر براذرز، فإن “حروب البث” ستنتهي عملياً، وستصبح نتفليكس القوة المهيمنة عالمياً في هوليوود. هذا يعكس مدى التغيير المحتمل الذي قد تحدثه هذه الصفقة في السوق.
وتُعدّ هذه الصفقة جزءاً من اتجاه أوسع في صناعة الترفيه نحو الاندماج والتوحيد، حيث تسعى الشركات إلى تعزيز مكانتها في مواجهة المنافسة المتزايدة من خدمات البث الجديدة. كما تعكس أيضاً التحول في سلوك المستهلكين نحو مشاهدة المحتوى عبر الإنترنت بدلاً من التلفزيون التقليدي.
الخطوة التالية المتوقعة هي بدء عملية المراجعة التنظيمية، والتي قد تستغرق عدة أشهر أو حتى سنوات. يجب مراقبة رد فعل السلطات التنظيمية عن كثب، بالإضافة إلى أي تحركات محتملة من شركات باراماونت وكومكاست. تعتبر هذه التطورات حاسمة في تحديد مستقبل وارنر براذرز ديسكفري وتأثيرها على صناعة الترفيه بشكل عام، بما في ذلك مستقبل خدمات البث و إنتاج الأفلام.

