شهدت أسعار خام الحديد انخفاضًا ملحوظًا هذا الأسبوع، مسجلةً أول تراجع لها منذ فترة، وذلك مع ظهور بوادر ضعف موسمي في سوق الصلب العالمي. يأتي هذا الانخفاض بالتزامن مع ترقب المتعاملين في الأسواق للاجتماع الاقتصادي الصيني المرتقب، والذي من المتوقع أن يكشف عن توجهات السياسة الاقتصادية في البلاد خلال الفترة القادمة.

انخفضت العقود الآجلة لخام الحديد بنسبة تصل إلى 1.4%، وفقًا لبيانات حديثة. وأظهرت تقارير صادرة عن شركة “مايستيل” (Mysteel) تراجعًا في معدلات استغلال الطاقة الإنتاجية اليومية في مصانع الحديد الساخن، بالإضافة إلى انخفاض في معدلات تشغيل الأفران العالية، مما يشير إلى تباطؤ ملحوظ في الإنتاج مع اقتراب نهاية العام.

تراجع أسعار خام الحديد: عوامل الضغط والتوقعات المستقبلية

يرجع هذا التراجع في أسعار خام الحديد إلى عدة عوامل متضافرة. يشير المحللون في “مايستيل” إلى أن الأسعار ستواجه ضغوطًا مستمرة نتيجة تراجع العوامل التي تدعمها. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تزيد شركات التعدين الأسترالية من حجم شحناتها في شهر ديسمبر لتلبية الأهداف السنوية، مما سيؤدي إلى زيادة المعروض العالمي من الخام.

مخزونات قياسية وتأثيرها على السوق

أظهرت مذكرة بحثية صادرة عن “غولدمان ساكس” أن مخزونات خام الحديد في موانئ الصين تقترب من مستويات قياسية لهذا الوقت من العام. كما أن مخزونات الصلب المسطح لم تشهد الانخفاض الموسمي المعتاد، مما يزيد من الضغط على أرباح مصانع الصلب ويزيد من التوجه التشاؤمي في السوق. هذه الزيادة في المخزونات تعكس ضعف الطلب وتؤثر سلبًا على الأسعار.

على الرغم من هذه العوامل السلبية، إلا أن أسعار خام الحديد تمكنت من الصمود حتى الآن، ولم تهبط إلى ما دون المستوى النفسي البالغ 100 دولار للطن كما توقع العديد من المحللين. يعزى ذلك إلى استمرار إنتاج الحديد الساخن بمعدلات جيدة، والتفاؤل النسبي بشأن الأداء الاقتصادي الكلي، بالإضافة إلى بعض التخفيضات في المعروض نتيجة خلاف بين شركة “بي اتش بي” (BHP) وشركة صينية لتجارة خام الحديد.

الترقب للاجتماع الاقتصادي الصيني وتأثيره المحتمل

بعيدًا عن عوامل العرض والطلب، يترقب المتعاملون في الأسواق بقلق نتائج الاجتماع السنوي للسياسات الاقتصادية في الصين، والذي يُعقد عادةً في شهر ديسمبر. هذا الاجتماع، المعروف باسم مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، يمثل فرصة مهمة للحصول على رؤى حول التوجهات الاقتصادية المستقبلية للصين، والتي بدورها تؤثر بشكل كبير على الطلب على الصلب وبالتالي على أسعار خام الحديد.

تشير تحليلات صادرة عن “بلومبرغ إنتليجنس” إلى أنه من غير المرجح حدوث تغييرات كبيرة في سياسة الإسكان في الصين، والتي تعتبر المحرك الرئيسي للطلب على الصلب. ومع ذلك، يتوقع المحللون أن يؤكد صناع السياسات على أهدافهم المتعلقة بإدارة الطاقة الإنتاجية الصناعية، ومكافحة ما يُعرف بـ “المنافسة المفرطة غير المنتجة” داخل القطاع، وهو ما قد يؤثر على إنتاج الصلب وبالتالي على الطلب على الخام.

في أحدث التطورات، انخفضت العقود الآجلة لخام الحديد بنسبة 1.02% لتصل إلى 103.20 دولار للطن في الساعة 11:00 صباحًا بتوقيت سنغافورة، مسجلةً انخفاضًا يقارب 1% خلال الأسبوع. كما انخفضت العقود المستقبلية المقومة باليوان في بورصة داليان، بالإضافة إلى عقود الصلب في شنغهاي. هذه التطورات تعكس استمرار الضغوط على الأسعار.

من المتوقع أن يستمر التركيز على نتائج الاجتماع الاقتصادي الصيني في تحديد مسار أسعار خام الحديد في المدى القصير. سيراقب المستثمرون عن كثب أي إشارات حول السياسات الاقتصادية الجديدة، وخاصة تلك المتعلقة بقطاع العقارات والاستثمار الصناعي. كما أن تطورات العرض والطلب العالمية، بالإضافة إلى أي تغييرات في السياسات التجارية، ستلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل أسعار هذا المكون الأساسي لصناعة الصلب.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version