لم تشهد مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة تغيراً كبيراً في شهر أكتوبر، حيث عوض تراجع الإنفاق على السيارات والبنزين ارتفاعاً في فئات أخرى. تشير هذه البيانات إلى استمرار مرونة المستهلك الأمريكي، على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
تراجع مبيعات السيارات والبنزين يعوضه إنفاق في فئات أخرى
أظهر تقرير صادر عن وزارة التجارة الأمريكية، والذي تأخر نشره بسبب الإغلاق الحكومي، أن قيمة مشتريات التجزئة لم تتغير بشكل ملحوظ بعد ارتفاعها بنسبة 0.1% في سبتمبر. ومع ذلك، وباستثناء قطاعي السيارات ومحطات الوقود، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.5%، مما يشير إلى قوة كامنة في الإنفاق الاستهلاكي.
يعزى التباطؤ في إجمالي المبيعات إلى انخفاض مبيعات السيارات بنسبة 1.6%، ويعزى ذلك جزئياً إلى انتهاء الحوافز الضريبية الفيدرالية على السيارات الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، ساهم انخفاض أسعار البنزين في تقليل قيمة إيرادات محطات الوقود.
أداء القطاعات المختلفة
على الجانب الآخر، شهدت ثماني فئات من أصل 13 فئة رئيسية في قطاع التجزئة نمواً في المبيعات. حققت المتاجر الكبرى والتجارة الإلكترونية مكاسب ملحوظة، مما يعكس تحولاً مستمراً نحو التسوق عبر الإنترنت. كما شهدت مبيعات الإلكترونيات والأجهزة المنزلية والأثاث والسلع الرياضية زيادة ملحوظة.
في المقابل، انخفض الإنفاق في المطاعم، وهي الفئة الوحيدة من فئات الخدمات المشمولة في التقرير، بنسبة 0.4%. يعكس هذا الانخفاض ربما تحول المستهلكين نحو الطهي في المنزل لتوفير المال.
“المجموعة الضابطة” تشير إلى زخم في الإنفاق
ارتفعت مبيعات ما يُعرف بـ”المجموعة الضابطة” – وهي مؤشر رئيسي يستخدمه البنك المركزي في حسابات الناتج المحلي الإجمالي – بنسبة 0.8% في أكتوبر، وهي أكبر زيادة في أربعة أشهر. يستبعد هذا المؤشر خدمات الطعام، ووكلاء السيارات، ومتاجر مواد البناء، ومحطات البنزين، مما يجعله مقياساً أكثر دقة لإنفاق المستهلكين على السلع.
تشير هذه الزيادة إلى أن الإنفاق الاستهلاكي اكتسب زخماً في الأسابيع الأولى من موسم التسوق الخاص بالعطلات، حيث سعى المتسوقون إلى الاستفادة من العروض الترويجية. كما ساهمت الأسر ذات الدخل المرتفع في تعزيز قوة الإنفاق الأخيرة، بينما أبدى المستهلكون ذوو الدخل المنخفض حذراً أكبر بسبب قيود الميزانية.
تأثيرات على الاقتصاد الأمريكي
تأتي هذه البيانات في وقت يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي تباطؤاً في النمو، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.6% في نوفمبر، وفقاً لبيانات منفصلة. كما أن ضعف نمو كشوف الأجور يثير مخاوف بشأن قدرة المستهلكين على الاستمرار في الإنفاق في المستقبل.
من المهم ملاحظة أن بيانات مبيعات التجزئة لم يتم تعديلها وفقاً للتضخم، مما يعني أن الزيادة الشهرية قد تعكس ارتفاع الأسعار أكثر من كونه تحسناً حقيقياً في الطلب. بالإضافة إلى ذلك، تعكس الأرقام إلى حد كبير مشتريات السلع، التي تمثل حوالي ثلث إجمالي إنفاق الأسر.
نظرة مستقبلية
يتوقع الاقتصاديون أن يتباطأ الإنفاق الشخصي على السلع والخدمات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام، بعد نمو قوي محتمل في الربع الثالث. سيكون من المهم مراقبة بيانات الإنفاق الاستهلاكي المستقبلية، بالإضافة إلى مؤشرات التضخم وأسعار الفائدة، لتقييم صحة الاقتصاد الأمريكي. من المتوقع صدور بيانات مبيعات التجزئة لشهر نوفمبر في منتصف شهر يناير، وستوفر هذه البيانات لمحة إضافية عن أداء قطاع التجزئة خلال موسم العطلات.

