دعت مجموعة العشرين (G20) إلى حماية سلاسل الإمداد الخاصة بالمعادن الحرجة من الإجراءات التجارية الأحادية، في إطار مواجهة التوترات التجارية العالمية المتصاعدة. يأتي هذا التأكيد في مسودة وثيقة مقترحة، في وقت تشهد فيه التجارة الدولية تحديات متزايدة بسبب القيود التي تفرضها بعض الدول، مثل الصين، على تصدير هذه المواد الأساسية.
أهمية تأكيد مجموعة العشرين على حماية المعادن الحرجة
تأتي دعوة مجموعة العشرين لحماية المعادن الحرجة بعد أن فرضت الصين قيودًا على صادراتها من هذه المواد في وقت سابق من العام الجاري، مما أثار مخاوف عالمية بشأن الوصول إلى الموارد الحيوية للتكنولوجيا الحديثة. تهدف هذه القيود، التي أُعلنت على أنها إجراءات لضمان الأمن القومي، إلى تقييد وصول الشركات إلى مواد مثل الجاليوم والجرمانيوم المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات والدوائر المتكاملة.
وقد أثارت هذه الخطوة الصينية انتقادات واسعة النطاق، حيث اعتبرتها العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، محاولة لاستغلال هيمنتها على سوق المعادن النادرة والضغط على المنافسين التجاريين. الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، كانت تعرب عن قلقها بشأن اعتمادها على الصين في الحصول على هذه المواد الاستراتيجية.
صرح الرئيس الأمريكي في وقت سابق بأن التوصل إلى تفاهم مع الرئيس الصيني شي جين بينغ قد أدى إلى تحسين الوصول إلى هذه المعادن، ليس فقط بالنسبة لأمريكا، بل على مستوى العالم. ومع ذلك، فإن مسودة وثيقة مجموعة العشرين تؤكد على الحاجة إلى ضمان استدامة سلاسل الإمداد بعيدًا عن الاعتماد على حلول مؤقتة.
الخلفية والتصعيد في التوترات التجارية
على الرغم من ذكر المعادن الحرجة في إعلان قمة مجموعة العشرين العام الماضي في البرازيل، إلا أن التركيز عليها كان محدودًا. تُعكس مسودة الوثيقة الحالية تصاعد هذه التوترات وأهمية معالجة هذه القضية بشكل أكثر تفصيلاً. وتشير إلى أن الهدف هو بناء سلاسل إمداد أكثر مرونة وقدرة على تحمل الصدمات، سواء كانت ناجمة عن التوترات الجيوسياسية أو الإجراءات التجارية أو الكوارث الطبيعية.
تتضمن المسودة خطة طوعية تهدف إلى ضمان أن تصبح الموارد المعدنية الحيوية محركًا للازدهار والتنمية المستدامة. هذا يشمل تشجيع المزيد من الدول على المشاركة في إنتاج هذه المعادن والاستفادة من سلاسل القيمة المرتبطة بها، مما يقلل من الاعتماد على مصدر واحد.
غِياب الرئيس الصيني وتداعياته
من الملاحظ أن قمة مجموعة العشرين تشهد غياب الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي أرسل رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ لتمثيله. هذا الغياب قد يؤثر على قوة الرسالة التي تسعى المجموعة إلى إيصالها بشأن التجارة الحرة وسلاسل الإمداد المستدامة.
في الوقت نفسه، يركز القادة الأوروبيون الحاضرون في القمة على قضية أوكرانيا والضغط على كييف للموافقة على اتفاق سلام مع روسيا. كما أن الإعلان الصادر عن القمة يشير بشكل عام إلى الحرب في أوكرانيا، مع التأكيد على مبادئ الأمم المتحدة ورفض استخدام القوة.
تحديات إضافية حول إصدار الإعلان
يجدر بالذكر أن جنوب أفريقيا هي التي تتولى صياغة مسودة الإعلان، في خطوة تعتبر تحديًا للولايات المتحدة التي تقاطع قمة مجموعة العشرين المنعقدة في جوهانسبرغ. وقد حثت واشنطن جنوب أفريقيا على عدم نشر بيان مشترك، معربة عن قلقها من أنه لن يعكس وجهات نظرها.
تقول الرسالة الرسمية الصادرة عن الإدارة الأمريكية إنها تعارض بشدة إصدار أي وثيقة ختامية تتضمن موقفًا توافقيًا للمجموعة دون موافقتها المسبقة. وهذا يعكس مدى التباين في وجهات النظر حول قضايا التجارة والأمن الاستراتيجي بين الدول الأعضاء في المجموعة.
ومع تزايد الاهتمام العالمي بأمن سلاسل الإمداد، من المتوقع أن يشهد موضوع المعادن الاستراتيجية مزيدًا من النقاش والتركيز في المستقبل. سيتعين على مجموعة العشرين مواصلة العمل على إيجاد حلول تضمن وصولاً عادلاً ومستدامًا إلى هذه الموارد الحيوية، مع تجنب الإجراءات التجارية الأحادية التي قد تعرقل النمو الاقتصادي العالمي.
من المنتظر إصدار الإعلان النهائي للقمة في نهاية الأسبوع الحالي. سيكون من المهم مراقبة مدى انعكاس هذا الإعلان لوجهات النظر المختلفة للدول الأعضاء في المجموعة، وما إذا كان سيشمل التزامات ملموسة بشأن حماية سلاسل الإمداد الخاصة بالمعادن الحيوية. في الوقت الحالي، لا يزال مستقبل هذه القضية غير واضحًا، ويتطلب المزيد من المتابعة والتحليل.

