يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إطلاق مبادرة طموحة أطلق عليها اسم “مهمة جينيسيس” (Genesis Mission) بهدف تعزيز قدرات الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال أمر تنفيذي سيصدر في البيت الأبيض يوم الاثنين القادم. تأتي هذه الخطوة في ظل سباق محتدم عالميًا في هذا المجال، حيث تسعى واشنطن للحفاظ على ريادتها في تطوير وتطبيق هذه التقنيات.
أكد مسؤول في وزارة الطاقة الأمريكية أن الإدارة ترى في هذا الجهد أهمية استراتيجية مماثلة لمشاريع تاريخية كبرى مثل مشروع مانهاتن (لتطوير الأسلحة النووية) وسباق الفضاء. ويأتي هذا الإعلان بعد اجتماعات رفيعة المستوى بين الرئيس ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والتي ركزت على التعاون في مجالات الدفاع والاقتصاد، بما في ذلك صفقات تتعلق بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
تعزيز القدرات الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي
وفقًا لتصريحات كارل كوي، كبير موظفي وزارة الطاقة، فإن الأمر التنفيذي المرتقب سيوجه المختبرات الوطنية للتركيز على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة، مع إمكانية إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص. لم يتم الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن المبادرة حتى الآن، لكن المسؤولين يشيرون إلى أهمية تسريع وتيرة البحث والتطوير في هذا المجال الحيوي.
من جهة أخرى، أشار مسؤول بالبيت الأبيض (طلب عدم الكشف عن هويته) إلى أن الإعلان عن تفاصيل الأوامر التنفيذية لا يزال مبكرًا، وأن كل ما يتم تداوله حاليًا يعتبر مجرد تكهنات. ومع ذلك، فإن الإشارات المتزايدة من الإدارة الأمريكية تؤكد على الأولوية القصوى التي توليها لتطوير الذكاء الاصطناعي.
التعاون السعودي الأمريكي في مجال الذكاء الاصطناعي
تزامنت هذه الإعلانات مع خطط لبيع رقائق متطورة للذكاء الاصطناعي للمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى إعلان شركتي “إنفيديا” و”إكس أيه آي” عن تطوير مركز بيانات مشترك مع مشروع الذكاء الاصطناعي السعودي “هيوماين”. وأكد الرئيس ترامب على عزمه العمل مع الشركاء لبناء “أكبر منظومة ذكاء اصطناعي في العالم”، مشيرًا إلى ضرورة تبسيط الإجراءات التنظيمية لتسهيل الاستثمار والابتكار.
وحذر ترامب من أن التعقيد التنظيمي قد يقوض جهود تطوير الذكاء الاصطناعي، داعيًا المشرعين إلى اعتماد معيار فيدرالي موحد لتنظيم هذا المجال، سواء ضمن مشروع قانون الإنفاق الدفاعي القادم أو في تشريع منفصل. ويرى أن هذا التوحيد ضروري لجذب الاستثمارات وتجنب “كارثة” تنظيمية سبّبها اختلاف القوانين بين الولايات.
المنافسة مع الصين وتسريع وتيرة التطوير
تعكس هذه التحركات قلقًا متزايدًا في واشنطن بشأن التفوق الصيني في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد صرح الرئيس ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي بأن عدم اتخاذ إجراءات سريعة سيسمح للصين بالتفوق بسهولة على الولايات المتحدة في هذا السباق التنافسي. وتؤكد التقارير أن الصين تتمتع بميزة تنظيمية تسمح لها بتسريع وتيرة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
وقد أشار الرئيس التنفيذي لشركة “إنفيديا”، جنسن هوانغ، إلى أن الإجراءات التنظيمية المبسطة في الصين تمنحها ميزة تنافسية كبيرة. وفي الكونغرس الأمريكي، يبحث القادة الجمهوريون عن إمكانية إدراج بنود تنظيم الذكاء الاصطناعي في قانون تفويض الدفاع الوطني، على الرغم من معارضة بعض النواب لهذا الإجراء في وقت سابق.
في يوليو الماضي، كشف الرئيس ترامب عن خطة شاملة لسياسة الذكاء الاصطناعي تهدف إلى تعزيز نمو الشركات العاملة في هذا المجال داخل الولايات المتحدة وتسهيل حصول حلفائها على التكنولوجيا اللازمة. وتشمل هذه الخطة الاستثمار في مختبرات سحابية مؤتمتة وتعزيز البحوث وبرامج التدريب في المختبرات الوطنية.
في الشهر الماضي، أعلنت “إنفيديا” عن شراكات مع وزارة الطاقة لتوسيع نطاق البحوث في مجالي الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، بما في ذلك تطوير سبعة حواسيب عملاقة جديدة تعتمد على رقائق الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة في منشآت أبحاث فيدرالية.
من المتوقع أن يصدر الأمر التنفيذي الخاص بـ “مهمة جينيسيس” في وقت قريب، وستتركز الأنظار على تفاصيل هذه المبادرة وكيفية تنفيذها. يبقى من غير الواضح حتى الآن مدى نجاح هذه الجهود في تحقيق أهدافها المعلنة، ولكنها تؤكد على الأهمية المتزايدة التي يوليها صانعو السياسات للذكاء الاصطناعي ومستقبله.

