تستعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لتعزيز علاقاتهما التجارية والاستثمارية بشكل كبير، مع التركيز على مجالات مثل الطاقة، والمعادن الحرجة، والتكنولوجيا المتقدمة. صرح وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك بأن بلاده تعمل على وضع استراتيجية شراكة متبادلة مع السعودية، مؤكداً على أن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تسعى إلى رفع مستوى هذه العلاقة إلى آفاق غير مسبوقة. هذا التعاون يأتي في ظل سعي السعودية لتنويع اقتصادها وجذب الاستثمارات الأجنبية، بينما تتطلع الولايات المتحدة إلى تعزيز شراكاتها الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.

جاءت هذه التصريحات خلال منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي الذي عقد في واشنطن، وهو امتداد لمنتدى مماثل استضافته الرياض في مايو الماضي تزامنًا مع زيارة الرئيس ترامب للمملكة. تم خلال المنتدى الإعلان عن خطط لتبسيط الإجراءات البيروقراطية وتسريع وتيرة الاستثمار بين البلدين.

تعزيز الاستثمارات في ظل رؤية السعودية 2030

أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن الطاقة تمثل حجر الزاوية في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، مشيرًا إلى أن نتائج زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تعكس قوة هذه العلاقة. وأضاف الفالح أن الولايات المتحدة هي أكبر مستثمر أجنبي في المملكة، بينما السعودية تعتبر من أكبر الدول المستثمرة في الاقتصاد الأمريكي.

صفقات استثمارية ضخمة

أعلن الأمير محمد بن سلمان عن زيادة الالتزامات الاستثمارية السعودية في الاقتصاد الأمريكي من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار. وأوضح أن هذه الاستثمارات لن تقتصر على المجالات التقليدية، بل ستشمل قطاعات واعدة مثل الرقائق والذكاء الاصطناعي، وذلك نظرًا لإمكانات السوق الأمريكي الهائلة.

وشهد اليوم الأول من زيارة ولي العهد توقيع حزمة واسعة من الاتفاقيات، أبرزها تصنيف المملكة كـ”حليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)”. تشمل الاتفاقيات أيضًا تعاونًا في مجالات الدفاع الاستراتيجي، والطاقة النووية السلمية، والذكاء الاصطناعي، والمعادن النادرة.

وبحسب البيت الأبيض، فإن هذه الاتفاقيات تهدف إلى تعميق الشراكة الاستراتيجية بين واشنطن والرياض، وتوفير فرص عمل أمريكية ذات رواتب مجزية، وتعزيز سلاسل الإمداد، وتحقيق الاستقرار الإقليمي. وترى الرياض أن هذه الحزمة تمثل استمرارًا لمسيرة التعاون مع واشنطن وتتوافق مع أهداف رؤية السعودية 2030.

السعودية: بوابة للمعادن الحرجة

أشار وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك إلى أهمية السعودية كمصدر موثوق للمعادن الحرجة، مؤكدًا أن الشراكة مع دول مثل المملكة ضرورية لضمان إمدادات مستدامة ومرونة في سلاسل التوريد العالمية. هذا التعاون يكتسب أهمية متزايدة في ظل التوترات الجيوسياسية والتنافس على الموارد العالمية.

تتضمن الاتفاقات الموقعة تسهيلات لعمل شركات الدفاع الأمريكية في السوق السعودية، ومنح المملكة إمكانية الوصول إلى الأنظمة الدفاعية الأمريكية المتطورة مع ضمان حماية التكنولوجيا الأمريكية. كما سيتم تكثيف التعاون بين البلدين في مجالات التجارة والطاقة النووية السلمية في الأسابيع المقبلة.

تعتبر الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة عاملاً مهمًا في دعم الاقتصاد الأمريكي، وفقًا لمحللين اقتصاديين. ومن المتوقع أن تساهم هذه الاستثمارات في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الابتكار في مختلف القطاعات. وتشمل الصفقات الدفاعية المحتملة تسليم مقاتلات “إف–35” وشراء حوالي 300 دبابة أمريكية.

الخطوة التالية المتوقعة هي استكمال الإجراءات التنفيذية للاتفاقيات الموقعة، بما في ذلك وضع آليات واضحة لتنفيذ المشاريع المشتركة وتذليل العقبات التي قد تواجه المستثمرين. ويركز الجانبان على تحويل هذه الاتفاقيات إلى واقع ملموس يعود بالنفع على كلا البلدين. ومن بين الأمور التي يجب مراقبتها تقدم التعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، والتأثير المحتمل لزيادة الاستثمارات السعودية على الاقتصاد الأمريكي، والتطورات الجيوسياسية في المنطقة التي قد تؤثر على هذه الشراكة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version