في إنجاز طبي بارز، أُجريت عملية زراعة قرنية ناجحة لمريضة مصابة بالعمى باستخدام قرنية مُنتجة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وذلك من خلايا عين بشرية. يمثل هذا التطور خطوة واعدة في مجال علاج فقدان البصر، ويوفر أملاً جديداً للملايين الذين ينتظرون عمليات زراعة القرنية حول العالم. وقد أعلنت شركة “بريسايس بيو” المصنعة للقرنية عن نجاح هذه التجربة الأولية.

تمت الجراحة في مستشفى رامبام بإسرائيل، وهي جزء من تجربة سريرية مبكرة. وتأتي هذه الخطوة في ظل نقص حاد في الأنسجة المتبرع بها لزراعة القرنية، مما يجعل الوصول إلى العلاج صعباً على الكثيرين. وتهدف هذه التقنية الجديدة إلى توفير حلول مستدامة لتلبية الطلب المتزايد على عمليات زراعة القرنية.

الطباعة ثلاثية الأبعاد للقرنية: ثورة في علاج فقدان البصر

تعتمد عمليات زراعة القرنية التقليدية على التبرعات من الأفراد المتوفين، وهو ما يواجه تحديات كبيرة بسبب محدودية العرض وضرورة التوافق بين المتبرع والمريض. ومع ذلك، تتيح تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد إمكانية إنتاج أعداد كبيرة من القرنيات من خلايا قرنية متبرع واحد، مما يقلل بشكل كبير من الاعتماد على التبرعات البشرية.

مزايا القرنية المطبوعة ثلاثية الأبعاد

تتميز القرنية المنتجة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد بعدة مزايا مقارنة بالقرنيات التقليدية. فهي تتمتع بكثافة عالية من الخلايا، وشفافية بيولوجية ممتازة، وثبات ميكانيكي قوي، مما يسهل عملية الزراعة ويحسن فرص نجاحها. بالإضافة إلى ذلك، تخضع القرنيات المطبوعة لفحوصات دقيقة في المختبر لضمان خلوها من أي ملوثات، وهو ما يقلل من خطر حدوث مضاعفات بعد الجراحة.

أفاد الجراح ميخائيل ميموني، مدير وحدة القرنية في مستشفى رامبام، بأن هذه العملية تمثل “لحظة تاريخية” و”لمحة عن مستقبل لن يضطر فيه أحد للعيش في الظلام بسبب نقص الأنسجة المتبرع بها”. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 13 مليون شخص حول العالم ينتظرون عمليات زراعة القرنية، في حين أن عدد القرنيات المتاحة لا يتجاوز قرنية واحدة لكل 100 مريض.

التجربة السريرية والخطوات القادمة

تجري حالياً تجربة سريرية أولية في مستشفى رامبام، ومن المتوقع أن يتم زرع ما بين 10 إلى 15 قرنية إضافية لمرضى آخرين خلال الأشهر المقبلة. تهدف شركة “بريسايس بيو” إلى جمع بيانات كافية لتقييم سلامة وفعالية هذه التقنية الجديدة. ومن المتوقع الإعلان عن النتائج الأولية للدراسة في النصف الثاني من عام 2026.

تعتبر هذه التقنية الجديدة تطوراً هاماً في مجال طب العيون، حيث يمكن أن توفر حلاً فعالاً لمشكلة نقص القرنيات المتبرع بها. وتفتح الباب أمام إمكانية إنتاج قرنيات مخصصة لكل مريض، مما يزيد من فرص نجاح عملية الزراعة ويحسن جودة حياة المرضى الذين يعانون من فقدان البصر. وتشكل هذه التقنية أيضاً خطوة مهمة نحو تطوير علاجات أكثر تقدماً لأمراض القرنية المختلفة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد للقرنيات يساهم في تعزيز البحث العلمي في مجال هندسة الأنسجة وزراعة الأنسجة. وتشير التوقعات إلى أن هذه التقنيات قد تستخدم في المستقبل لإنتاج أعضاء وأنسجة أخرى، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج الأمراض المستعصية. وتعتبر الطباعة الحيوية (Bio-printing) مجالاً واعداً في الطب التجديدي.

في الختام، يمثل نجاح زراعة القرنية المطبوعة ثلاثية الأبعاد خطوة مهمة نحو مستقبل أكثر إشراقاً للمرضى الذين يعانون من فقدان البصر. ومع استمرار الأبحاث والتطوير، من المتوقع أن تصبح هذه التقنية متاحة على نطاق واسع في السنوات القادمة، مما يوفر أملاً جديداً للملايين حول العالم. وستكون النتائج الكاملة للدراسة السريرية، المتوقعة في عام 2026، حاسمة في تحديد مستقبل هذه التقنية وتطبيقها على نطاق أوسع.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version